الجمعة، 26 ديسمبر 2008

عمرنا الافتراضي أقصر مما نتخيل


نتزوج مبكرا، نطلق مبكرا، نتقاعد مبكرا، وتنتهي أحلامنا مبكراً فنموت مبكرا ولو استمرت أنفاسنا بالصعود والهبوط...
نحب الأشياء سريعاً ونكرهها سريعاً، وهوسنا إنهاء العقود سريعاً... عقدنا مع الحرية، مع الحياة، مع العقل، كل ما حولنا له عمر افتراضي يموت وينتهي في يوم سريع المجيء.
ليس هناك قيمة لذوي القيم الحقيقية، ليس هناك أهمية لأصحاب التجربة والقصة الطويلة. تبدأ الحياة شابة سعيدة وتنتهي كهلة تعيسة.
الأعمار المفضلة الصبية الفتية، البكر التي لم تعارك الحياة بعد.
الأعمار المنبوذة الكهلة العريقة، الناضجة التي عرفت شيئاً عن أسرار الكون.
العجوز: هو العاجز عن الحركة وعن التفكير وإن كان شابا في العشرين، لكننا نمنح صفة العجز لرجال ونساء في قمة العطاء، المعيار هو عدد سنوات العمر.
- ينتهي عمر الزوجة بوقت محدد، تنتهي قدرة المرأة على العطاء فور انقطاع دورتها الشهرية.
نهاية عهد الإنجاب يعني بداية عهد آخر داخل نفسها وخارج حياتها المألوفة. اكتشاف حياة جديدة كانت مشغولة عنها بمحاولة التوفيق ما بين مسؤوليات العمل والأطفال.. لكننا نقبرهن أحياء، نعاقبهن على سنن الكون فننهي عقد خدماتهن مبكراً.
- تنتهي حاجة المجتمع للرجل فور وصوله سن التقاعد، خبرته. تجاربه. علمه. محصلة خرج بها من دنيا العمل. كلها تذهب هباء. مصيره وحيداً، بعيدا عن صخب المهنة، مصيره اكتئابا وحزنا وانتظارا للنهاية..
- ينتهي عمر المذيعة بانتهاء رونقها..
كثير من القنوات العربية تختار المذيعة بصفتها الحسناء الشابة لا بصفتها الإعلامية، الجمال له دور محبب على الهواء، نحن في منطقتنا الفضائية نمحو الدور الإعلامي ونبرز المقومات الشبابية... نتناسى أن مهنة كشف الحقائق مهمتها أبدية...لذا تخرج المذيعة من حلبة المنافسة حال يبهت جمالها وتتقدم بالسن.
- في مدينة كدبي لا يعد مشهد كبار السن مشهداً مألوفاً... معظم السكان هم في عمر الشباب... وحين يفتقر المكان لطاعنين في السن، تخلو الأجواء من معالم الأمان.
- يرمى أثاث المنزل فور انتهاء موضته... نحن لا نتعلق بالأشياء تماماً مثل إهمالنا للإنسان... لا نتعلق بما لمسناه يوماً، لمائدة جمعتنا يوماً. مثل إهمالنا للإنسان.
- كل شيء بالنسبة لنا جسد سيتفتت يوماً أو نميته غصباً.
* حين تنتهي مدة حكم الرؤساء في العالم الذي يصدر أنواع الحضارة، لا يجزع الرئيس، لديه خطط جديدة. يؤلف الكتب... يحاضر في الجامعات... يؤسس جمعيات حقوقية، أو يسافر ليزور ويطمئن على راحة الشعوب الفقيرة..
ولأن الأمان منعدم هنا فإن رؤساءنا يتمسكون بالكراسي، مثلهم مثل تمسك أصغر موظف في الدولة بوظيفته... ليس هناك أمان مستقبلي. وهل من حق خريف العمر أن يملك الأحلام والإبداعات؟؟ تنتهي الرئاسة فيمحى صاحب المنصب من الوجود ويمحى دوره. تمحوه الثقافة القاصرة. قد يأتي ذكره صدفة فيتساءل أحدهم/ أين هو الآن...
عموما ليس هناك رئيس عربي نجهل مستقبله بعد انتهاء عهده فغالبيتهم لم يتركوا العروش سوى بأمر القدر، وأضرحتهم عناوينها معروفة..
لكن لا مجال للسؤال عن مستقبل بيل كلنتون نجم المحافل الدولية الذي زاد نشاطه بعد انتهاء رئاسته... واتضحت له أدوار جديدة في الحياة..
لا أحد يجهل مصير مهندس النهضة مهاتير محمد صاحب شعار (ماليزيا تستطيع) استمر بالمشاركة السياسية بعد انتهاء فترة رئاسته، يقدم المشورات للبلدان النامية... محاضرات ومؤتمرات وحضور وحياة لا حدود لها.
* في أحد المقاهي ببلدة أوروبية صغيرة، شاهدتني وحيدة أخرى على طاولة مجاورة... اقتربت وبدأنا نتحدث.
كانت بعمر الخمسين... جاءت إلى البلدة لتعزل نفسها قليلا عن وسطها المعتاد لتركز فيما تريد فعله الآن بعد تقاعدها... قلت لها هل ستمضين في السفر والترحال... قالت: من أين لي بالوقت، علي أن أبدأ بالعمل. أدرس الآن لأحقق حلماً راودني منذ الطفولة وهو حلم الإخراج... في الخمسين وتستعد لتكون مخرجة تلفزيونية... حاولت وقتها ألا أتذكر غالبية نساء الخمسين هنا...
وسواء استطاعت تلك السيدة الأوروبية أن تدخل مضمار مهنة جديدة أم لم تتمكن، فالمهم أن لا حواجز تقليدية أو سخرية مجتمعية تمنعها من الحلم... قالت لي «الله يمنحنا الحياة لنتشبع منها كلياً... والمحظوظ فقط هو من يملك عددا من الأحلام، والأكثر حظا هو من يكتب له العمر لتحقيقها، وأنا كتب لي العمر فيجب أن أستغله... ليس عندي ما يعطلني، خاصة بعد أن تزوج ابني الوحيد».
فحيث المكان الذي لا يعترف بفصول العمر، بل يبقى العمر فتياً يعيش فصلا واحدا هو الربيع والألوان... حيث المكان الذي يسمح للعمر كله بأن يحلم.
هناك لا ينجبون الكثير من الأبناء. لديهم جولة حياتية جديدة تنتظر خبرتهم ونضجهم المستقبلي... وعند العجز لديهم ضمان اجتماعي يغطي نفقاتهم.
على عكسنا. نحلم بإنجاب المزيد والمزيد من الأطفال، الأمان الذي سيحيطنا في الكبر بعدما تلفظنا الجماعة.
* في الوقت الذي يظهر به صغار السن في معظم الإعلانات التجارية للترويج عن بضاعة لن يروج لها سوى الجسد النضر والبشرة الفتية وسنوات العمر القليلة، كان هناك إعلان تجاري جديد لشركة Damac يصور رجلا وامرأة في ربيعهما الستين، يقفان متلاصقين على سطح مركب وذراعيهما تحيطان بعضهما.
هي تنظر إليه وهو ينظر للأفق، للمستقبل.
أيا كان مغزى الإعلان، فهل سيسمح لي بالستين أن أنظر للمستقبل؟ أن يحيطني بذراعه دون خجل، أن أحلم من جديد، وأن تتوالى الأحلام كما توالت في سن الشباب.

نادين البدير
كاتبه و إعلاميه عربيه سعوديه

* المقاله منشوره في جريدة الرأي الكويتيه :-

http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=101185

* المقاله منشوره في جريدة الوقت البحرينيه :-

http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=9119






الجمعة، 21 نوفمبر 2008

البحث عن فضيحة.. وشعوب لا تكذب لكنها تتجمل

غافين نيوسيم عمدة أكبر مدن كاليفورنيا، كان عن حياته الخاصة ريبورتاج بأحد البرامج الأميركية.ولأنه مسؤول غربي فحياته الخاصة معروضة للتداول أمام الملأ.. كان توسنم وقت عزوبيته رجل أحلام النساء.. مسؤول رفيع، شاب ثري وسيم ومثقف له حضوره المتميز..بإحدى فقرات الريبورتاج، يظهر نيوسم برفقة زوجته الأولى مذيعة ‘’فوكس نيوز’’ الجميلة.. قبل أن يتم الطلاق ليظهر بفقرة أخرى برفقة صديقته عارضة الأزياء والنادلة.عدة نساء توالين على حياته العاطفية التي كانت حديث الصحف لشهرة صاحبها ووسامته.فجأة وأمام عدسات الكاميرا يقف نيوسم ليعترف لمجتمعه الغاضب بعلاقته العاطفية مع زوجة مدير حملته. قال في النهاية: ندمت وأعتذر لكم عما بدر مني من خطأ.هل يأتي يوماً يخرج علينا مسؤول عربي رفيع بمثل هذا الاعتذار؟هو لم يكذب خبر العلاقة حين تداولته الصحف ويقول: إشاعة. لم يعتذر عن الخيانة على انفراد مع مدير مكتبه، نشر الفضيحة واعتذر أمام الشعب كله، ووصلنا الاعتذار عبر الإعلام فبدا اعتذار عالمي.قد نسمي ما فعله سلوكاً أخلاقياً يدل على احترام المسؤول الحكومي لأفراد مجتمعه، أو نسميه رجل خان رجلا أخلص له.. تعتمد التسمية على رؤيتنا للأمور.حين يتابع المشاهد العربي، وعلى الأخص النساء، الحدث السابق. تبدأ دعواتهن بأن الحمد على تماسك المجتمع العربي وأخلاقياته، وتطلق اللعنات على (هالمجتمع الأميركي إللي يخون فيه المسؤول صاحبه). ولا يشير أحد لمسألة الاعتذار، وللتطاول العلني على شخص المسؤول، ولنشر غسيله في الصحف والمجلات مدعماً بالصور واللقطات وجره لزاوية الندم وطلب الصفح.ولا يقارن أحد بين مسؤولينا ومسؤوليهم.أشرت للنساء، لأن النساء العربيات أو الخليجيات إجمالاً يشكلن ظاهرة تاريخية اليوم.. ردة فعل لم تحدث ولن تتكرر. كل شعوب العالم طالبت بالحرية، حلمت بها، ماتت من أجلها، إلا نساءنا العربيات.. تولعن بالبقاء عند خط اللاحياة واللاموت وحسبنه نمط عيش حميد.يشتمن أخلاق الغرب، وعدد كبير منهن قد تعرضن لخيانة بشكل أو بآخر، ولم تنعم إحداهن بطلب الصفح يوماً ما ولو حتى بكلمة اعتذار بسيطة.جرب وتحدث أمامهن عن الحرية.. سيتكشف لك تعريف جديد لها، فالحرية التي عرفتها البشرية على أنها أسمى المبادئ.. تعرفها نساؤنا على أنها السقوط بذاته.صحيح أن الحكومات استعانت بالمساجد التي استعانت بدورها بوسائل الإعلام والتلفاز لعرض مواد وبرامج تحذر كلا الجنسين من الحرية، تحذر من مخالفة ولي الأمر، تلقي الرعب في القلوب وهي تصور مشهد تفسخ الشارع العام حين تنتشر المساواة، تشغل الأفراد عن السياسة والفلسفة بقضية واحدة مصيرية هي كيفية حجب النساء. لكن المفترض مع معدلات التعليم المتزايدة أن يكون هناك حد أدنى من الوعي قد تشكل لدى المواطن يجعلها تميز وتعرف الأفضل لها كما تراه هي لا كما أرادوها أن تراه..إلا أنها ثقافة تمجد التبعية ومحو الهوية.حين كان الرئيس الاميركي أوباما يحقق أمجاد الفوز وقت الانتخابات، ملأت صور رائدة الحقوق المدنية المرحومة روزا باركس وسائل الإعلام بمناسبة وصول رجل ملون للحكم. كانت أول سوداء تخرق قانون التمييز. تذمرت على وضع السود في المقاعد الخلفية لحافلات النقل، أشعل تمردها شرارة عصيان أدت لإنهاء التمييز العنصري. شرارة أوصلت رايس للخارجية وأوباما للرئاسة. يشمت العرب: انظروا عنصريتهم القديمة، ارتكبوا أبشع المجازر الأخلاقية بحق السود، ويأتون اليوم لينشروا المساواة في الشرق الأوسط.ولا يشير أحد لمسألة الاعتراف بتلك المجازر، هم يعتذرون عن ماضيهم.. ينشرونه، يعيدون نشره حتى يحفظه الأفراد عن ظهر قلب، يتذكرونه كل دقيقة كيلا ينسونه فيتكرر الظلام ويعودون للوراء.. أقوى أمة تعرف أن الحفاظ على المركز أقسى من الوصول إليه.ليس مطلوبا أن نصدق نوايا الغرب تجاهنا أو نكذبها، ويتحول الحديث كلما بدأ إلى أطماع العالم في صحرائنا، لكن أن نحذو حذو خطوات وصلت للقمة وتريد البقاء هناك ليس كفرا ولا عاراً.شاهدت فيلما أميركيا يصور علاقة حب جمعت رئيس أمريكي في القرن التاسع عشر بزنجية سوداء يمتلكها، وقد انحدرت من تلك العلاقة سلالة سوداء موجودة إلى يومنا..كان ذلك الرئيس يمارس بشكل أو بآخر ما كان المسلمون يمارسونه من علاقات محلله مع الجواري.. لكن العرب لا يصنعون أفلاما عن الحياة الخفية للراحلين.. فذاتهم مقدسة، وصورة العظيم الذي جانبته الخطيئة طوال حياته هي المشهد الوحيد في الفيلم وفي كتب التاريخ.****حتى تحافظ أوبرا وينفري على بنات جنسها من المآسي ، تكرر في كل مناسبة حادثة الاغتصاب التي تعرضت لها في طفولتها، هذه هي المسؤولية الاجتماعية والوطنية بحد ذاتها،، كم امرأة عربية مهتمة ألا تقع قرينتها فريسة اعتداء،، جل ما يهمها الفضيحة. والفضيحة ليست سهلة عند العرب.. الفضيحة تعني تشويه السمعة للأبد.. لكن كيف ستتمكن من حافظت على سمعتها سليمة أمام المجتمع من الحياة كريمة النفس سليمة السمعة مع ذاتها؟ تلك التي آثرت الاستسلام، وقعت ضحية لذاتها أكثر من كونها ضحية اعتداء رجل.وهذا الأمر ينطبق على المجتمع العربي الذي تنخره المشاكل العالقة ويصر على تنظيف سمعته أمام العالم.. دون الاهتمام بصورته أمام ذاته.التقدم يتطلب جهداً، البعض يسميه تضحية.. لكني لا أعتبر أي أمر نبذله في سبيل تحقيق الحلم تضحية..عموما ذلك الجهد المسمى (تضحية) يتطلب الاعتراف..اسم الكلمة المرادفة للاعتراف في العرف المحلي هي : الفضيحة.المواطنة الحقيقية تتطلب فضيحة.. بل مجموعة من الفضائح اليومية يغذى بها عقل المواطنين، لتكشف المشكلة، لتعرض على الجمهور. لتحل المشكلة وتنتهي من أساسها.لكن شعوب كالشعوب العربية تحب الستر وتكره الاعتراف وفي نفس الوقت لن تصمت، بل ستحول الفضائح إلى ملائح.. تجملها وتجعل لها بريقاً.. ولا يعد ذلك نفاقاً، أو تناقضاً.إنما هي شعوب لا تكذب ولكنها تتجمل..

نادين البدير
كاتبه و إعلاميه عربيه سعوديه

* المقاله منشوره في جريدة الرأي الكويتيه :-

http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=94062

* المقاله منشوره في جريدة الوقت البحرينيه :-

http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=8772



الجمعة، 10 أكتوبر 2008

الساحرة الأصلية.. حكيمة أم شريرة؟

كيف بدأ السحر؟ أكان خيراً أم شراً؟ ''أهوى عمل هذه الأشياء؛ لأنها تعطيني منظورا مختلفا لفترة قصيرة، لكن ذلك المنظور مهم لباقي وجودي الطبيعي في الحياة''.هكذا تحدث الساحر ديفيد بلاين الذي أنهى قبل أيام وبنجاح واحدة من مغامراته المفاجئة، علق نفسه 60 ساعة بالمقلوب فوق حديقة ''سنترال بارك'' بنيويورك.كان المشهد يذكر بمشهد شبيه حدث في العصور الوسطى حين علقت رقاب الساحرات في الساحات العامة لا لأجل المغامرة والمنظور المختلف، بل للإعدام أو الحرق بحجة أنهن يساعدن الشيطان أو يمارسن الجنس معه.. مثلما كان يتم التخلص من الفلاسفة والهراطقة وكل خارج عن تعاليم العقيدة المقننة بحجة الكفر والزندقة.تصورنا التقليدي للساحرة أنها امرأة شريرة قبيحة شعرها أبيض تسكن الطبيعة (الغابة)، وتحمل بيدها عصا تتنقل بها في المعمورة وغير المعمورة، تأمر الكون، فتحول الأمير إلى ضفدع.. وفي ثقافتنا المحلية الحديثة تطلق الزوج من زوجته بسحرها الأسود.. باختصار إنها الشر في الأرض.الصورة المعهودة عن الشريرة القديمة أنها تحيا الليل لتخلط مواد عديدة في قدر ضخم ترفعه فوق حطب مشتعل وتستمر بتحريك السوائل التي تعدت درجة حرارة الغليان، تقوم بمعادلات لتنتج مسحوقا أو مشروبا ذا مفعول سحري غير عادي يفوق قدرات وتصورات البشر.إن كان ذلك حقيقة، فهل كانت الساحرة كيميائية مخترعة أم كانت دجالة؟من أمدها بتلك المعادلات العلمية؟ كيف حصلت على المعرفة في ذلك الوقت الأوروبي المظلم؟يقال إن الصورة المشوهة للساحرة التي تطهو السحر شوهت صورة المرأة إجمالاً.. كما شوهت وسائل الحكمة القديمة.وبمناسبة الحديث.. فإن سيمون دي بوفوار في كتابها (الجنس الآخر) ترى أن المرأة ساحرة في منزلها، إذ تصف كيف أن الطبخ أحد طرق السحر، فمعادلات الأكسدة والغليان والذوبان والتكثيف، وخلط مواد نيئة ذات مذاق مر لإنتاج شيء حلو المذاق لذيذه بحد ذاته سحراً.بعيدا عن سحر الطاهيات.. ماذا عن ساحرات الأمس؟ ولماذا أحرقن؟ أيعود سبب تخلص الكنيسة قديماً من الساحرة للشر بداخلها، أم لأنها أرادت التخلص من كل علم ومنطق؟ هل الشعوذة اليوم هي نفسها السحر القديم.. وكل السحر الموجود اليوم هو شعوذة؟ما الرابط بين الساحرات العصريات والقديمات، أهو فقط اسم لغوي مشترك لا غير.. وهل كانت الساحرات الأوائل شريرات منحطات الأخلاق مثل مشعوذات اليوم؟ أم أن صفة الانحطاط خاصة بنساء ورجال امتهن الشر لا الحكمة؟ تواصلوا والأرواح لإبادة السلام بين العلاقات الإنسانية. السؤال هو كيف تدرجت الحكمة لتتحول إلى خزعبلات تلجأ إليها النساء المنكوبات بأذى المجتمع لفك كربهن وتحرير غضبهن والتنفيس عن مشاعرهن أو لإيذاء الغير.قد يكون السحرة الجدد قاموا بتدنيس الأصول الحقيقية وتكريس التمادي ببغض وكراهية الفلسفة والحكمة.. لكن هل تم ذلك عن عمد أم عن جهالة وطيش شرير؟تعاريف ومصطلحاتالساحرة عند الويكان تعني الحكيمة.. منزلتها كالفيلسوف تماما بل أشد رقيا في درجات الحكمة كونها استطاعت تحقيق التواصل الروحي مع الكائنات الحية ومع معطيات الطبيعة ومع الكون والأفلاك. وفي بعض المعاجم العربية الساحر هو العالم.. بعض العلوم السحرية تعود إلى علوم الحكمة.وعرف البعض السحر في الستينات على أنه منهج وطريقة علمية، تساعدنا على معرفة أنفسنا وعلى القضاء على الشر والمعاناة. وعرفته Aleister Crowley's على أنه أعلى درجات المعارف الإلهية للفلسفة الطبيعية.معظم تعاريف السحر العلمية لا تخلو من كلمة فن، أو علم وفن أو معرفة أو حكمة.إن أعداداً غير قليلة من الباحثين الغربيين المهتمين بالسحر يعرفونه على أنه الحكمة. دان براون ومن قبله مايكل بايغنت وريتشارد لي، وصفوا أحد أدوات طمس الأنثى المقدسة القديمة.. بدايات الأرثوذوكسية التي أحرقت الساحرات حتى وصل عدد المحترقات الملايين أضرمت النيران بأسرارهن قبل أجسادهن ... يؤكد براون أن قصص ديزني تحمل رمزية معينة، فالأميرة النائمة و''سنووايت'' اسيقظن على قبلة أمير.. وهي بنظره الأنثى المقدسة التي ستستيقظ يوماً ما وتعود لعهدها.. لكن براون لم يحلل رمزية مشاركة الساحرات في قصص ديزني والعلاقة بين الساحرة والأنثى النائمة خاصة بعد تسميم ''سنووايت''. هل كانت تشارك في إيقاظ الأنثى المقدسة أم تنويمها بشكل مؤقت ومدروس؟ولا يفتأ الكاتب البرازيلي باولو كويلهو (الذي احتفى العرب والمسلمون بروايته ساحرة بورتوبيللو) عن ترديد كلمة حكمة ومعرفة في معظم كتبه المتعلقة بالسحر والماورائيات. أما بريدا بطلة روايته الأخيرة (بريدا) ''فبحثها عن المعرفة أرشدها إلى جماعة من الحكماء سيعرفونها على العالم الروحي.. تعلمت على يد ساحر (معلم) يقطن غابة كيف تقضي على خوفها وتثق بالخير الموجود في الحياة، وتحت الأشجار مرتدية الجينز استلقت وأسلمت روحها إلى ساحرة، أنيقة وعصرية المظهر، وجهتها، فعرفت بريدا مصائر أرواحها الأولى.. أين سكنت، من أحبت، وكيف ماتت ''الرواية كلها قائمة على بحث البطلة عن المعرفة.كم منا يتمنى الوصول إلى سر كل شيء..إن كان السحر بمعناه الإنساني القديم الذي يعجب الباحثين عن المعرفة وشيفرات الكون ورسائله.. فهل هناك ضير من أن نكون سحرة؟''قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا، قال إنك لن تستطيع معي صبرا، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا'' 68 الكهف.تختصر هذه القصة الحافلة بالغيبيات بحث موسى الإنسان عن المعرفة، وعدم استطاعته في النهاية على ملاحقة الحكمة بذاتها.. ''قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً'' 78 الكهف.الحكمة والعلم اللامحدود خارج إطار القدرة الاستيعابية الإنسانية.. وقد يكون ذلك القصور عن الإحاطة بخط الحكمة في الكون هو سبب الاتهامات التي لاقاها الحكماء والفلاسفة.. لكن قد يأتي يوم يحين به الوقت لنزع صفة الحكمة واسمها عن الأشرار من مشعوذات وأصحاب الخزعبلات الحاليين..

نادين البدير

كاتبه و إعلاميه عربيه سعوديه

* المقاله منشوره في جريدة الرأي الكويتيه :-

http://www.alraialaam.com/Alrai/Article.aspx?id=84556

* و منشوره أيضًا في جريدة الوقت البحرينيه :-

http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=8360



الأحد، 5 أكتوبر 2008

من هي نادين البدير ؟

- سليمان الأمير .
* نادين البدير :- مفكره شابه ، كاتبه ، باحثه وإعلاميه عربيه سعوديه خليجيه الإبنه الثانيه لسيدة المجتمع نبيله الناظر و رجل الأعمال سليمان البدير معدة ومقدمة البرنامج التلفزيوني مساواة .



*الثقافه والتحصيل العلمي:-إلتحقت نادين البدير بكلية الإقتصاد والإداره بجامعة الملك عبدالعزيزفي مدينة جده ، ومنها حصلت على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال ، و من بعدها حصلت على الماجستير والتي كانت بعنوان " نقل التقنيات الصناعية المتقدمة وأثرها على تطوير الصناعة في المملكة " .

* العمل الصحفي :-بدأت الأستاذه نادين البدير بالكتابه الصحفيه بناءًا على نصيحة إحدى صديقاتها ، وبالفعل بدأت الكتابه الصحفيه في جريدة عكاظ والتي تصدر من مدينة جده ثم إنتقلت إلى الكتابه السياسيه بمقاله في مجلة المجله الأسبوعيه و التي تصدر في يوم الخميس من مدينة لندن ، ثم إنتقلت إلى الكتابه في جريدة الوطن و كان مقالها ينشر إسبوعيًا في يوم الخميس .تنقلت نادين البدير في رحلتها الصحافيه من الكتابه المحليه إلى السياسيه الدوليه إلى القضايا الإجتماعيه في المملكه العربيه السعوديه ، و قد كانت مقالاتها و بالذات في جريدة الوطن تحوز على إعجاب شديد و متابعه على نطاق عريض و كانت تلك المقالات تنشر في مواقع مرموقه على شبكة الإنترنت ، مثل موقع العربيه . نت وصحيفة إيلاف الإليكترونيه ، و كان عدد التعليقات على مقالاتها مرتفعًا جدًا بالمقارنه مع المقالات الأخرى، وخلال فترة عملها الصحفي أجرت نادين العديد من المقابلات الصحفيه في عدد من الصحف والمجلات، مثل مجلة كل الناس، كذلك ظهرت نادين البدير في برنامج " المجلس " و برنامج " ساعه حره " على قناة الحره ، كذلك تم إستضافتها في راديو سوا ، غير المقابلات الهاتفيه في بعض القنوات الفضائيه والإذاعيه.

* مشروع نادين البدير:- يتركزهذا المشروع في تغييرالمفاهيم الخاطئه عن المرأه حيث تصف نادين المجتمع اللطيف، بأنه أكثر حكمه و ذكاء من المجتمع الرجالي ، لذا يجب الإعتناء بها اكثر،خاصة وأن الرجل يخشى منافستها له في الحياة العامه.




* النشاط السياسي و مواصلة المشوار:- اثناء كتابة نادين في مجلة المجله كانت تطمح لإكمال دراستها العليا في بريطانيا ، في مجال العلوم السياسيه، فقد كانت نادين ناشطه سياسيه ومهتمه بالحقل السياسي ولكنها تحولت و لومؤقتًا نحو قضايا مجتمعها بعد انتقالها للكتابه في جريدة الوطن، ونتيجة لكتاباتها الإجتماعيه فكرت نادين بمتابعة وإكمال دراستها في مجال القانون و الحقوق في الولايات المتحده الأمريكيه عوضًا عن العلوم السياسيه، ولكنها عدلت رأيها للمره الثانيه وقررت حزم حقائبها و التوجه نحو دبي للإنخراط في برنامج تدريبي إعلامي، لتهيئتها للعمل في المجال التلفزيوني امرأه عصريه تلاحق النجاح و تغير وجهة نظرها اسرع من الضوء ، وكل ذلك من أجل رقي نساء و رجال وطنها نحو الأفضل، تخطت نادين البدير برنامجها التدريبي بنجاح و بعد أن وصلت إلى قمة الجبل الصحافي، لم تنظر نادين إلى الأسفل وتفتخر! بل وقع نظرها على جبل آخر !!


* العمل التلفزيوني والتحليق في الفضاء :-قررت نادين بأنها ستتسلق جبلًا أعلى من السابق ! الجبل الفضائي! عرضت عليها ساعه في الأسبوع على قناة الحره الفضائيه عرض عليها تقديم برنامج إسبوعي جديد يتناول قضايا المرأه، برنامج تهدف نادين من خلالها إلى وضع مشاكل المجتمع العربي الخليجي على الطاوله،الظاهر بأن البرنامج يختص بقضايا المرأه ، ولكن نادين تحب بلدها و وطنها وابناء و بنات وطنها على حد سواء ، وكانت تناقش قضايا المجتمع ككل، بالتركيز على قضية المرأه ، ولكنها كانت تنظرإلى مجتمعها ككل ، إلى المرأه والرجل ، وهنا بدأت رحلة تسلق الجبل الثاني المرتفع الوعر ، ولكن نادين لا تعترف بالوعوره !! لقد قررت أن تتسلق ذلك الجبل لتضع فوقه علم المساواة .


* مساواة :- لقد وقع إختيار إسم مساواة للبرنامج الجديد ، برنامج فضائي جديد من إعداد وتقديم الإعلاميه القادمه بسرعة الصاروخ .. نادين البدير، يتناول قضايا المرأه في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي ، يبث في يوم السبت الساعه التاسعه مساءا بتوقيت الرياض ، الساعه السادسه بتوقيت جرينتش ، و يعاد بثه في يوم الأحد الساعه الرابعه صباحًا بتوقيت الرياض ، الساعه الواحده بتوقيت جرينتش على قناة الحره الفضائيه والتي تبث على القمرالصناعي عرب سات ، وقد تم بث أول حلقات البرنامج في يوم السبت الموافق للثامن والعشرين من شهر يناير من عام 2006م و تم فيها إستضافة عضو مجلس الشورى العربي السعودي الدكتور محمد آل زلفه و الصحافيه العربيه السعوديه الأستاذه إيمان القحطاني، وكان موضوع الحلقه عن منع النساء في المملكه العربيه السعوديه من قيادة السيارات !


* تقليد نادين البدير:- جميع المقدمات و المقدمين الناجحات و الناجحين يتم تقليدهم بشكل دقيق طلبًا للنجاح في جميع انحاء العالم ، و نادين البدير ليست إستثناءًا لتلك القاعده بالطبع فقد ظهرت وبعد أقل من سنه ونصف على بث البرنامج نسخه كربونيه منه، ذلك البرنامج هو"امرأه و أكثر" و الذي تقدمه هيفاء المنصور ، و الذي يبث في نفس اليوم وفي نفس الساعه مع الإختلاف في القناة التي تبثه ، حيث يتم بث البرنامج المقلد على مركز تلفزيون لبنان ، ويلاحظ التشابه الفريد في مكان جلوس المقدمه وعدد الضيوف ( مره ضيف ومرة أخرى ضيفين ) كذلك تقديم التقارير بنفس طريقة مساواة ! و الشيء المثير للدهشه هو أن هيفاء المنصور إنتقدت نادين البدير و برنامج مساواة قبل أشهر في مقالة لها في جريدة الوطن ، و مع هذا قامت بتقليد نادين في كل شيء من الإعداد إلى طريقة التقديم !


* محاربة نادين البدير:- واجهت السيده نادين البدير حربًا خفيه من قبل الإعلاميين والإعلاميات الذين يعملون لوسائل الإعلام الموجهه من قبل مؤسسات إعلاميه خاصه عن طريق تجاهل البرنامج بشكل غريب بالرغم من النجاح الساحق الذي يحققه البرنامج و مقدمته نادين البدير ! بالإضافه لجرأة مقدمة البرنامج و التي إنتقدت حتى اكبر الشخصيات في المملكه ، كذلك إنتقدت المؤسسه الدينيه الرسميه، و المتطرفين دينيًا ، وجماعة الإخوان المسلمين مرارًا و تكرارًا مما زاد وطأة الحرب الخفيه على نادين، ولكن تلك الحرب الخفيه لم تزد نادين إلا تألقًا و إبداعًا كذلك لا ننسى الشخصيه القويه والحديديه والتي لاتهتز لنادين البدير، بمناقشتها الجريئه لقضايا لم يكن احد يجرؤ على مناقشتها من قبل ، وطرقها لأبواب مغلقه منذ أمد الدهر ! وهذا النجاح يزداد بشكل مضطرد و مع مرور الزمن ، بالرغم من الحرب الخفيه ، و تجاهل أخبار البرنامج إلا أن نسبة المشاهدين والمشاهدات تزداد و بشكل يعكس بأن التأييد الإعلامي الحكومي لا يصنع النجاح الإعلامي في عصر الطريق السريع للمعلومات ، و في هذا العصر شخصية الإعلاميه أو الإعلامي هي التي تصنع النجاح ، و شخصية نادين غنيه عن التعريف .

* الصمود و النجاح :- نتج عن صمود و نضال نادين البدير نجاح ساحق لبرنامجها الإسبوعي مساواة ، و بشكل في أواسط الشباب و الشابات ، و أصبح حديث منتديات الإنترنت، وأصبح حديث المجالس في دول المجلس،كذلك أصبحت نادين البديرعلامة فارقه من خلال طرحها لمواضيع لم يتم مناقشتها من قبل، ويلي مناقشة تلك المواضيع في مساواة، مناقشتها في وسائل الإعلام المرئيه والمقرؤه والمسموعه دون الإشاره إلى المصدر! ولكن الأغلبيه تعلم بأن المصدرهو مساواة .

* نشاطات نادين البدير:- تمتلك نادين البدير حسًا أدبيًا راقيًا ، وثقافه عاليه، ومؤهلات دراسيه عليا كل تلك العوامل مكنتها من بناء علاقات قويه والإنخراط في أنشطه متعدده في الأوساط الفكريه والثقافيه والإجتماعيه،بالإضافه إلى إهتماماته السياسيه التي تضعها ضمن اهم أولوياتها،والمتتبعين لنادين البديريعلمون جيدًا يعلمون بأنها قد تتوج مجهوداتها بإصدارات و كتب لتثري بها الساحه الثقافيه في المملكه و دول المجلس .

* نادين لا تعرف الخوف :- جميلة ، شابة ، مفكرة ، جريئة..تلك هى نادين البديرالكاتبة الصحفية التى عادت لتلقى حجرا آخر فى الماءالراكد وذلك بعد تصريحاتها الجريئة التى أثارت حفيظة قطاع من المجتمع السعودي.حيث شنت العديد من المنتديات الموجودة على الإنترنت هجوما شرساعلى نادين وصل فى بعض الأحيان إلى حد التكفير!! وبعد تفجيرها لبركان الغضب ، قالت نادين فى حوار خاص لمجلة كل الناس أنها لا تعرف شيئا اسمه الخوف من المجتمع فهى صريحة وصراحتها المتناهية هى مصدر خشية المجتمع . وأكدت أنها غير مهتمة بالاتهامات التى وجهت إليها لأنها لا تنفع ولا تضير مؤكدة أن كل ما يهمها هو رقى و تقدم الوطن معتبرة أن سكوتها عن الحق من اجل مجاملة من يعشقون إخفاء الحقائق بحد ذاته عذاب لا تستطيع التعايش معه مطلقا بل وتعده خيانة عظمى للوطن . وقالت نادين أنها ترفض الزواج التقليدى وتكره الارتباط بدون عاطفة لمجرد إرضاء الأهل أو الهروب من سجن الأسرة أو سجن العنوسة أولإنتاج الأطفال و تقول بكل صراحة لم أتزوج لأننى حرة. وقالت " الزواج بنظرى طريقة تسهل علينا مساكنة من نحب بطريقة ترضى المجتمع أما الزواج هربا من سجن الأهل أو طمعا بثروة الخطيب أو رغبة بإنجاب الأطفال أوهربا من العنوسة فزواج غير سوى " وأضافت نادين أنا إنسانة حرة أفكر كما يحلو لى لا كما فكرأجدادنا الذين لم أرهم ولم أتعايش معهم لأقلدهم كما أنى اكره أن أقلد أحدا لمجرد أنه فلان. و كانت نادين قد ظهرت مؤخرا فى إحدى حلقات برنامج (المجلس) على قناة (الحرة) وانتقدت الفكر السائد في الخطاب الديني السعودي و أوضاع المرأة العربية و المجتمع الذكورى وطالبت بحقوق المرأة بدءا من حقها فى قيادة سيارتها وصولا إلى حقوقها السياسية مما أثار حفيظة بعض التيارات المحافظة التى وصلت إلى حد التكفير فى بعض الأحيان.




* آخرالأخبار :-نادين البدير حاليًا تكتب مقالة إسبوعيه في جريدة الرأي الكويتيه و الوقت البحرينيه وتنشر في كل سبت في نفس اليوم الذي تبث فيه حلقة برنامجها الأسبوعي"مساواة" في الساعه التاسعه مساءًا بتوقيت الرياض .

* كاتب التقرير :- سليمان الأمير .

السعودية:سجال بين زوجة سفير وصحفية يعيد الجدل حول قيادة المرأة


الرياض - أسماء المحمد

أدت مساجلة حدثت بين صحفية سعودية وزوجة قنصل المملكة في دبي، إلى تجدد الجدل حول مطالبة نساء بالسماح لهن بقيادة السيارة في المملكة، وهو ما دافعت عنه بعضهن، فيما اعتبرته أخريات في آخر سلم الأولويات التي تطالب بها المرأة السعودية.وكان منتدى "المرأة العربية والمستقبل" الذي شهدته دبي في الفترة من 10 إلى 21-10-2007 بفندق "جميرا أبراج الإمارات"، شهد سجالا بين حرم القنصل ورئيسة رابطة سيدات السلك الدبلوماسي نوال الشلهوب، والإعلامية السعودية في فضائية "الحرة" نادين البدير، حول حقوق السعوديات، وفي مقدمتها قيادتها للسيارة. بدأ السجال حين أعلنت الشلهوب، وهي تقيم في دبي منذ 10 أعوام، وتقول إنها تقود سيارتها بنفسها، عدم تأييدها قيادة المرأة للسيارة في السعودية، لأنها غير مضطرة لذلك في وجود سائق خاص يمكنه القيام بتلك المهمة بالإضافة إلى أفراد الأسرة من الرجال.وبينما أكدت الشهلوب أن السعوديات حصلن على كامل حقوقهن، ويعملن في مختلف المجالات، اعتبرت الإعلامية نادين البدير أن ذلك لا يمثل الحقيقة، فالمرأة السعودية محرومة من أشياء كثيرة منها الوظائف القيادية في القطاع الخاص. وقالت البدير لـ"العربية.نت"، تعليقا على هذا السجال، إن المرأة السعودية في بلدها تعامل كما يعامل القاصر وفاقد الأهلية، ولديها مجموعة من القضايا لم تتم مناقشتها ولا حسمها، ومن ضمنها عدم وضع الثقة في السعوديات والاعتراف بذمتهن المالية. كما أن قبول وجود سائق أجنبي يكبد المرأة والمجتمع، برأيها، خسائر فادحة، بدلا من أن تقود السعودية سيارتها بنفسها.

" نساء قاع المجتمع "
وقالت البدير: "كسعودية أرفض المزايدة، ومن يقول إن السعوديات حصلن على حقوقهن، ولسن بحاجة إلى المزيد، غير مطلع على واقعهن ويمثّل نفسه فقط، وهذه خيانة لقضايا النساء المنتميات إلى الطبقات الدنيا من المجتمع، اللاتي يكابدن قضايا الفقر والأحوال الشخصية وغيره، وهن مستحقات لدعم النخب السياسية والاقتصادية والإعلامية.وأضافت: لا تملك المرأة في السعودية أي حق سياسي أو قانوني أو اجتماعي، وواقع المجتمع، بداية من قضايا انتحار النساء والعنف الأسري وانتهاء بقضايا الفصل بين الزوجين وتفريقهما بسبب عدم تكافؤ النسب، أكبر شاهد على أن المرأة تصادر حقوقها بما في ذلك تطليقها من زوجها وعدم السماح بقيادتها السيارة، واحترام خيارها كإنسان بالغ راشد.

* التقرير منقول عن العربيه . نت :-

الشيطان و الفأر ميكي


في عدد غير قليل من المحطات ووسائل الإعلام الغربية كان حدث الساعة يشغل الجميع. دوت فضيحة محمد المنجد وتسابق الجميع لتداول النكتة الكارثة، نكتة أدهشت مقدمي البرامج العالميين، قهقه البعض ضاحكاً وهز رأسه وأكتافه بسخرية وتعجب وهو يكتشف أن أهم شخصيات ديزني التي عشقتها ملايين عالمية فويسقة (مصغر فاسقة) خارجة عن الطاعة يجب قتلها لأنها من جند الشيطان.أي أن هذا الحيوان الصغير جداً، الذي يعيش في جحور متناهية في الصغر ويهلع ويهرع ما إن يسمع صراخ أنثى، قد خرج عن الملة وغدر فاستحق الإعدام.ورغم أن ميكي هو المذكر وميمي هي المؤنثة، إلا أن المنجد آثر أن يخص ميكي باللعن والشتيمة. ناعت إياه عن خطأ أو قصد بتاء التأنيث. قال (فويسقة) ولم يقل (فويسق). قال (ن ج س ة) ولم يقل (ن ج س) قبل أن يبيح هدر دم ذلك المخلوق بالحل والحرم.التيار الديني المودرن الذي يناصر أمثال المنجد من الباطن هو الأهم. كتاب وكاتبات. دعاة وداعيات، في داخلهم تأكيد لما جاء به المنجد وتأكيد لأي موجة تعصب وفوقية. لكنهم لاموه.قالوا له: أحرجتنا. كان يمكنك أن تطالب بنموذج كرتوني إسلامي بدل تكفير الفأرة التي أحبتها الشعوب. كان يمكنك أن تفعل وتحكي الكثير إلا أن تجعلنا أضحوكة.قد نتصور إطلاق حملة هدفها أسلمة ميكي، ليصبح بعيرا بدلاً عن فأر، ولميمي حينها إمكانية التحول إلى ناقة.. مثلما سبق وتمت أسلمة باربي وتحويلها إلى فلة ترتدي العباءة. أصبح اللون الأسود رمزا إسلاميا مع أسلمة الألوان..العولمة والانتشار السريع للفتاوى الطائشة صارا يتحكمان بسير ما يسمى بالدعوة. وهذا ما يعيه الشيخ المودرن ذو العضلات المفتولة واللحية المخفية، من السهل أن يفتي أحدهم في السابق بحرمانية ارتياد النساء للمدارس، وحرمانية التصوير والمجلات الفنية والأطباق اللاقطة وصبغات الشعر والقصص الرومانسية والشعر الصريح وكل شيء حديث... لم يكن صدى الطيش يصل للكثير في العالم، وإن حدث ووصل فأقصى ردة فعل عالمية: بيان نقدي تقدمه هيئة حقوق الإنسان بإذاعة غربية..أما في حاضرنا المعلوماتي المتقدم فيهتز الشرق والغرب سياسياً واجتماعياً إذا ما صدرت فتوى غير حكيمة، أو حكم غير عادل. وبفضل هذه المعلوماتية فالفتاوى المراقبة عالمياً لم تعد تحرج أصحابها والمؤيدين لهم فقط بل إنها تضع حكومات دول بأكملها موضع شبهة واتهام بالإرهاب أو بالتقصير تجاه تنمية مواطنيها وتحسين أوضاعهم الفكرية..كل مرة يخطئ بها أحد شيوخ (المدرسة الكلاسيكية) ينبري الشيوخ (المودرن) للدفاع والإيضاح وترقيع ما يمكن ترقيعه. فالشيخ الحديث ليس كالقديم، هو يشاهد التلفاز ويستمع لأم كلثوم ويحضر الأفلام السينمائية.هذه طريقته المتحضرة في إيصال المضمون الكلاسيكي ذاته. مهمته تختصر في عصرنة وتحديث الشكل الرجعي الخارجي فقط للدعوة القديمة. ينتقد فتوى المنجد بوجوب قتل ميكي ماوس لكنه يؤمن ويؤكد على نجاسة ميكي..يطالب بعملة إسلامية، بأسلمة العلوم والمناهج. أسلمة المعرفة والقوانين. أسلمة الفنادق. الأزياء. دمى الأطفال. أسلمة الحب. وأسلمة الحياة ..أما شخصيات والت ديزني موضع الاتهام فموجهة للطفل العالمي بل للإنسان العالمي لأننا لا زلنا نشاهدها ونحن كبار. ليس بها أي مشهد أو زي يثير النعرات الدينية أو يذكرك بأن أصحاب الشخصيات مسيحيون أو يهود أو غيرهم . لم يوجهوا لنا دعوة إيديولوجية ولم يقولوا أن ديانتهم هي الأفضل كما يفعل بعض الدعاة مستغلين الطفولة لإدخالها ضمن تعقيدات الحرب الدائرة بين الأديان. نصيحتهم بتقديم نماذج كرتونية إسلامية أو أسلمة شؤون الأطفال الصغيرة من دمى وبرامج يعني إنتاجاً غزيراً جديدا من أجيال التطرف والإقصاء ومعاداة السلام. حين يقدم رجل أو امرأة فكرة تكفيرية، نرد عليهما بخجل وبعضنا يخاف أن يرد، وبعضنا يفكر مئة مرة بشكل العبارة التي سيرد بها حتى لا يمسك عليه أحدا ممسكا كان..وقد بلغ الخوف أن اكتفى بعض المعاديين للتطرف بالسخرية والضحك.لكن السخرية لا تصل للمتلقي، ما يصل فقط الفتوى..المعتدلون يكتفون بالسخرية أما مطلق الفتاوى المتطرفة فلا يكتفي إلا حين يعلم أن تطرفه قد دخل لكل غرفة وزاوية في كل بيت عربي وإسلامي ومسيحي ويهودي وبوذي وملحد أيضاً. حل المشكلة ليس في توجيه الاتهامات لمن ينفثوا سموم الشر بين الإنسان والحيوان وبين الإنسان والإنسان، لا بد من خلق منابر جديدة مثلما خلقوها، وإيجاد طرق معاصرة مثلما أوجدوها. هكذا يصبح أمام المتلقي نموذجين فإما أن يتبع هذا أم ذاك. أمر لن يتحقق سوى بالإبداع والخلق الجديد، كإبداع العظيم والت، فالفأر الصغير المتهم بالنجاسة تمكن من دخول تاريخ البشرية الأمر الذي لن يستطيعه أكبر زعيم ليبرالي أو إسلامي.ترى ماذا يفعل السياسي في المنطقة العربية والإٍسلامية وهو يستمع لفوضى الاتجار بالفتوى؟ ألم يبلغ نضجاً سياسيا يدفعه لخلق التعددية؟ هل يعوض عن التشدد المتطرف بشيوخ الصحوة الجدد، كما سبق وارتكب خطيئته التي لا تغتفر حين أراد استبدال الشيوعية والثورية فما وجد غير الإرهاب الديني بديلاً؟ماذا علمنا شيخ الصحوة وشيخ الموضة؟ الكراهية، العداوة، التكبر على بقية خلق الله، قائمة لا تنتهي من المحظورات.. القليل من المباح والكثير من الحرام، الإرهاب...وماذا علمتنا الرسومات المتحركة؟ السلام، الحب، الغدر من شيم الأشرار، الخير ينتصر في النهاية، السبانخ مقوي للعضلات مع باباي، ومع الفأر جيري ليس هناك يأس، فالحلول لا بد وأن تصنع في دواخلنا..هل يهمنا رأي شخص لم يعرف معنى الكرتون في طفولته ليحكم إن كنا أمضينا الطفولة في الحلال أم الحرام ؟وعن من وجب الدفاع؟؟المعادون للإنسانية أم صديق طفولتنا الفأر ميكي؟ *****قريبا سيتم الحكم على سكوبي دوبي دو الكلب النجس..أذكر حديثا للنبي درسناه في كتاب الدين، عن الرفق بالحيوان. رجل تائه وعطش. وجد بئرا وكلب يتلوى من العطش. عبأ خفه بالماء وسقى الكلب قبل أن يشرب هو من ذات الخف(الآنية) ..

نادين البدير

كاتبه و إعلاميه عربيه سعوديه

* المقاله منشوره في جريدة الوقت البحرينيه :-

http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=8236


ضجيج الفتوى والفضائيات


أفتى كبير القضاة بجواز قتل من يدعو إلى الفساد ‘’لأن الله حين ذكر قتل النفس قال (أو فساد في الأرض)’’.وجهت فتوى صالح اللحيدان ضد أصحاب القنوات التي تبث الفساد والإلحاد والسحر والمجون والفحش والخلاعة والفكاهة والضحك وإضاعة الوقت بغير فائدة أو أجر.قامت الدنيا وضجت بسبب الفتوى وعلى الفور ظهر مشايخ آخرون ينتقدون ويلومون رئيس مجلس القضاء السعودي كونه لم يلحق بموجة تطور رجال الدين التي بدأوها، والمتتبع لمنتديات الإنترنت سيجد تعليقات كثيرة تنتقد هؤلاء المنتقدين، وتلوم مشايخ الموضة والصحوة الذين يجاملون السلطة في مقابل تحقيق الانتشار في الفضائيات وجمع الملايين دون التفوه بكلمة حق.بعد يومين ظهر اللحيدان ليفسر لا ليعتذر عما بدر منه من فتوى استباحة الدماء وإن تداول الجميع نبأ اعتذاره. فسر فتواه وأوضح مقصده، فالمؤهلون بقتل أصحاب القنوات برأيه هم القضاة فقط وليست دعوته وفتواه مفتوحة أمام الجميع لممارسة القتل. وليس يدعو لقرع أجراس فتن أهلية. إلى جانب استنكاره للخلاعة المحرمة دينياً. فتواه شملت برامج السحر والمجون. السحر حرام في الإسلام، والساحر كافر حده القتل. هذا ما تعلمناه في المدرسة. لماذا جن جنون الجميع ومنهم رجال دين وفقه وطالبوا اللحيدان بالتراجع؟ كان ينفذ أمراً دينياً بديهياً بصفته رجل دين ورئيس قضاء شرعي. ولأجل ذلك لم يعتذر اللحيدان ففتواه بريئة بنظره من الخطأ ومن الدعوة للإرهاب.لأننا نمر بعصر يضطهد المعرفة والعلم ويشدد على أهمية الجهل لاستمرار نفوذ أصحاب النفوذ فإن مثل هذه الفتاوى المبيحة للدماء أصبحت عادية في حياتنا حتى لتكاد تمر علينا مرور الكرام. لطالما جرى تكفير المفكرين والعلماء والإعلاميين وكل من له صلة بالإبداع الفكري وخلق الحكمة والمنطق. كلهم مرتدون.لكن هل الفضائيات العربية جميعها إبداعية بحق؟وما المقصود بالمجون والخلاعة والفكاهة؟ راقصات العري أم الممثلات أم الإعلاميون أم السافرات أم ممثلو الكوميديا؟ ومن يحدد أن قناة ما تضيع الوقت أو تشغله بالمفيد؟ هل مفروض أن تكون الفضائيات العربية حرة طليقة وتبقى على هيئتها المخلوطة التي تجمع كل فئات المجتمع من منحرفين ومحترمين ومعربدين ورجال دين دخلاء على الدين؟ أم يجب تهذيبها وتشذيبها بطريقة قانونية أبعد عن القتل والنحر الذي لا يعرف التطرف غيره طريقاً لإيصال فكره؟ هل نفذ صبر اللحيدان فلم يجد أحدا يستنكر ما يحدث في الفضاء العربي. اجتهد فأطلق على قدر اجتهاده فتوى ستغدو تاريخية؟ إذا ابتعدنا عن تطرف المتطرفين وحل القتل، لنرى ماذا لدينا في فضائياتنا. انعكاس لواقعنا المجتمعي أم موجه له؟الأغاني تشير إلى أن الذوق العام لم يتدهور بل ما عاد موجوداً في الأصل. ومستوى الطرب يشير لانعدام التعددية فهو لا يخدم سوى محبي السرعة.كما أن هناك خلطا واضحا بين الراقصة وراقصة العري، وبين راقصة العري وبين الفنانة المطربة. ونظرة سريعة على مسلسلات رمضان تكشف مجتمعا متهالكا مدمرا حتى النخاع، إن كانت تعكس الواقع بالفعل وليست مجرد خيال حزين. سيول من الدموع والدموع، والشر.. كل ذلك الشر.الشخصيات المجتمعية التي يجسدها أبطال المسلسلات.. عجوز متصابي، زوج خائن، شريرة غيورة، زوجة مغدورة، ابنة مقهورة، رجل أعمال لص، ساحرة، قطاع طرق وأمراء حرب ودم قدامى.حين عرض مسلسل (The Bold and the beautiful) لم تبق شتيمة عربية إلا وكيلت نحوه، الجميع قال لقد أبيحت العلاقات وانكشفت أمام أطفالنا.لكن بالأمس كنت أتابع حلقة خليجية يعرض أحد مشاهدها شمطاء قوادة تصفق وتزغرد لرجل غريب يرقص في دارها وتسحب منه الشيك وراء الشيك بالسحر، فتجعله منقادا لرغبتها مسروراً على أمل نظرة تمتعه بها ابنتها.درجة تقبل المتفرجين لمثل هذا المشهد وعرضه في فترة الذروة المسائية يشير إلى وجوده بالفعل. وإلى خطر انتكاس قيمي في المجتمع رغم هالتين من الدين والعرف تحيطان به. هل الأم الساحرة والقوادة بلغت في وجودها حد الظاهرة المجتمعية في الخليج ليتم عرضها في وقت الذروة؟ أخيراً لما كل هذا التركيز على الجانب الاجتماعي من حياة الفرد العربي. أليست هناك مسلسلات بوليسية، كوميدية، خيال علمي، رحلة إلى أعماق الأرض أو لغياهب السماء، قصص للفلاسفة القدماء.هل الإعلام ومنه الفن والدراما مهمته الانقياد أمام رغبات المشاهد فيعرض له اللقطات الفارغة إلا من الملابس والماكياج الذي تصعب معه تمييز الوجوه، أم تكون مهمته العظيمة إزاحة كتلة من الصدأ عن عقل المتفرج وإثارته ليفكر ويخترع.واضح أن الدراما العربية تعاني من شح في القصة والسيناريو والحوار والأداء. فليس أسهل من إعادة تجسيد الماضي لتدب الحياة في صلاح الدين أو عمرو أو هارون، ليس أسهل من وصف طوابير النساء على عتبات الساحرات والعرافين. أصعب شيء يواجه صانع سينما أو دراما هو خلق جديد. إبداع مثير، وهو تحديدا مهمة صناع السينما الغربية.

نادين البدير

كاتبه و إعلاميه عربيه سعوديه

* المقاله منشوره في جريدة الوقت البحرينيه :-
http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=8159&hi=نادين%20البدير

السبت، 13 سبتمبر 2008

قتل الأنثى.. اللذة الأبدية


بمَ يشعر القاتل؟ السفاح تحديداً؟ أي شخص يتلذذ بمشهد الجريمة.. وكيف اتفق أن تكون ضحية أشهر السفاحين أنثى دائماً؟ طفلة، شابة، كهلة، الضحية المختارة أنثى.. من جاك السفاح، أيديجين الذي أكل من لحم ضحاياه النساء وقيل إنه صنع من عظامهن الكراسي إلى الأختان ريا وسكينة. وصولاً إلى القاتلة المكسيكية الحديثة جوانا بارازا التي حوكمت وتم سجنها لنحو 759 عاما. اختارت جوانا أربعين جسداً أنثويا من بلدها المكسيك ليكن بطلات مسرح جرائمها على مدى سنوات طويلة.. حتى عندما قررت المرأة أن تصبح سفاحة كانت ضحيتها أنثى.. مستقبلاً ستلغى فرضية قتل الأنثى العربية من أجل محو العار أو لحماية الشرف.. هناك سر في الأنثى يداعب جفون المختلين والسفاحين. وقد يداعب جفون اللاوعي داخل كل إنسي، بدليل أنها مضطهدة في كثير من المجتمعات. اضطهادها وسيلة أخرى لتعذيبها ثم التلذذ بمشهد العذاب.هل يكمن ذلك السر في ضعفها، أو الإعجاز المفرط في جمال تكوينها؟ أم كونها مصدرا للخصوبة سيدفع العقل لأن يغار أو يقف عاجزاً عن تفسير قدرة الأنثى على إنتاج الخلق، فيقرر محوها من الوجود؟ في الأيام الماضية كنت أتابع قتلا وحشيا من نوع آخر ترافق مع مقتل سوزان تميم.. جريمة معاصرة نوعاً ما. طفلات ومراهقات بين أحضان راشدين أو مخرفين.. القضية شغلت عددا من المواقع الإعلامية، وهي قضية جيل قادم بأكمله.. جيل مريض سيتكون نتيجة أربطة تزاوج رسمية بين عناصر متضادة، الطفولة والكهولة.. فتاة في الخامسة عشرة وزوج في السبعين..طفلة في الثامنة وعريس خمسيني.. وسيطلق على الرباط اسم عائلة مجازاً. وسيحكى أن الرذيلة انتهت من البلد، وأن عدد الزيجات في ارتفاع. القيمة الاجتماعية من ذاك الارتباط هي سد الرجل لشهوته دون أن يصيع أو يضيع، بينما القيمة الحقيقية هي سد السفاح القديم لشهوته الأبدية بقتل الأنثى. القصة التي أثيرت مؤخراً هي لطفلة في الثامنة من عمرها رفعت والدتها قضية ضد أبيها الذي زوجها وهي في غفلة الطفولة من خمسيني.. آخر الأنباء حول القصة تدلل على سخرية القدر فالقاضي ينوي التريث كثيرا قبل إصدار حكم التطليق فقد يتم الاتفاق بين العروسين بدلاً عن الطلاق. ظهر حينها شيخ ليؤكد أن الطفلة التي زوجت دون علم منها لها الخيار إذا كبرت في البقاء أو فسخ النكاح.. ماذا سيبقى منها إذا كبرت؟ الحجة الروتينية المستخدمة في هكذا زيجات أن الرسول تزوج عائشة وهي في التاسعة من العمر.. وقبل أسبوع ظهر اجتهاد مفاده أن عائشة كانت في التاسعة عشرة وليس التاسعة حين تزوجها الرسول. إن كان الاجتهاد هدفه تهوين المسألة على أبناء العصر فليس من داع لتجميل المسألة، ما كان صالحاً زمن الرسول ليس بالضرورة صالحا اليوم. ثم إن الطفلة التي أرغمت قبل ستين عاما من الزواج في سن العاشرة، لديها اليوم ما قد يحميها بدءا من اتفاقية حقوق الطفلة العالمية وحتى جمعيات حقوق الإنسان المنتشرة. أي لغة مشتركة يمكنها أن تتولد من جراء هذا الالتقاء وتلك المسافة بين الأزمان؟ أي سكون وطمأنينة ستخلق بين أقطاب من حدود وعوالم مختلفة؟ الجريمة لا تقتصر على اغتصاب قانوني لطفلة دون العاشرة يذكر بالاغتصاب الجماعي القانوني في بعض القرى الهمجية بباكستان، والسفاح ليس وحده مهووس الطفلات والرضيعات. كل هؤلاء الرجال الذين يتزوجون فتيات بأقل من ربع أعمارهم، هم السفاحون الجدد.. كانوا أضعف من نهش جسد الأنثى بالسكاكين، فخلقوا لتشويه معالمه أدوات معاصرة. أجسادهم القديمة. أما الروح الأنثوية البضة الفتية فتلوثت بعدما امتزجت بروح سئمت الحياة وعافتها، روح متقاعدة. ولو أنها لم تكن متهالكة منتهية ما وصلت لمسرح الجريمة..كانت اختارت لها رفقة من ذات العمر ومضت. أربعون. خمسون أو ستون. كما هو دارج في خارج هذه البقعة، وكما هو دارج في كل مجتمع يحترم أسس تكوين الأسرة.ليس أكثر من الإناث المعروضات في هذه المنطقة، معروضات للدعارة، للبيع. للزواج.. أكبر سوق نخاسة هنا. هل من فارق بين أب دمر طفلته بتزويجها من طاعن. وبين آخر دمرها بإرغامها على ممارسة الدعارة؟ متى يسن القانون ويعاقب المجرمون؟

نادين البدير
كاتبه و إعلاميه عربيه سعوديه

* المقاله منشوره في جريدة الرأي الكويتيه :-
http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=78562
* و منشوره أيضًا في جريدة البحرينيه :-
http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=8079

الجمعة، 5 سبتمبر 2008

النعرة القبائلية تؤجل إراقة فنجان الدم


قبل أيام أصدرت محطة MBC قراراً بتأجيل عرض حلقات مسلسل (فنجان الدم) إثر موجة غضب واعتراضات من جهات قبلية معينة ضد بث المسلسل الذي يسرد تاريخ نزاع بين قبائل بدوية في القرن الثامن عشر زمن الحكم العثماني... المعارضون لبث المسلسل قالوا أنهم يخشون إشعال النعرة القبائلية وتغذيتها عبر هذه الحكايات التلفزيونية التي تحظى بلا شك بنسبة مشاهدة كبيرة سيتكشف لها الماضي بحلاوته ومرارته...المعارضون يخشون فتيل الفتنة. المعارضون مدججون بالتعصب والقبلية.النعرة القبائلية.. في هذا الزمن؟ حين عبر العالم بوابة الألفية الثالثة، هل بقيت القبيلة خارج حدود الحاضر؟ فنجان الدم عنوان يكشف عن تفاصيل دموية قد تكون منفرة، ولا أعلم الفكرة التي استوحى منها صاحب العمل مشهداً لفنجان يريق دما قانياً بدلاً عن القهوة.. أهي إشارة لغدر عربي قديم؟ أم أنه مجرد ربط مجازي لسوائل الصحراء.. قهوة البادية الساخنة بالدم البدوي الحار..ثار بعض شيوخ القبائل على فكرة سرد قصص جرت أحداثها في القرن الثامن عشر، أصبحت المسألة شخصية وعمد أصحاب الأمر للدفاع عن عراقة وسمعة الأجداد من التشويه.. إذا كان لكل أصحاب حدث، سلالة تمنع تداوله فمتى تسرد الحكاية ؟هؤلاء الذين تقاتلوا في القديم هم من صنع تاريخ هذه المنطقة، تاريخنا نحن.. فلماذا نحرم من معرفة التاريخولو كان مليئا بفناجين الدم، لماذا يخجل الأحفاد بالأجداد؟امتدادات القبيلة تتحكم في ما نشاهده من تاريخ، تتحكم في الصورة، والأنظمة تتحكم في كل ما نقرأه ونشاهده، بالصور والصفحات، ونحن شعوب مصدرها المعرفي الوحيد الألوان، فغالبيتنا لا تقرأ..في النهاية وسائل المعرفة الحاضرة تتقلص وتنكمش، فهذا البرنامج يسيء للسياسي، وذاك الكتاب يسيء لرجل الدين، وتلك المادة ستثير فتنة طائفية أما المسلسل المقصود فسيعيد حروب القبائل، وفي بعض الدول تحجب آلاف المواقع الانترنتية لعدم توافقها مع الفكر السياسي الداخلي.. ماذا بقي للمشاهد أو القارئ ؟ لم يتبق سوى مواد هز الوسط لضمان رضا جميع الجهات السياسية والاجتماعية والقبلية والدينية...لكي يرضى الجميع يجب أن يُنسى التاريخ ولا يقرأ أحد الحقيقة. حقيقة تاريخ مختلف مفاجئ بعض الأحيان، فاروق مظلوم. الحب لم يكن حرام في التاريخ الإسلامي. رمال المنطقة الشقراء قد صبغت بالدم الأحمر يوماً..أما السينما الغربية فتحفل بتاريخ الغزوات بين القبائل القديمة.. بريطانيا وفرنسا لا تخشيان من إثارة الفتنة بين الشعبين حين يعرض المخرجون أفلام الحروب التي دارت بين الدولتين المتطاحنتين في القديم.. فيلم حديث بطلته سكارلت جوهانسون يصور حياة الملكة آن بولين التي أعدمت بعد فضيحتها مع أخيها، والملكة آن هي أم الملكة إليزابيث الأولى.. لم تتدخل إليزابيث الثانية اليوم لإيقاف عرض فضيحة جدتها وطمعها وظلمها لشقيقتها..لم تحدث قلائل وبلابل في العائلة المالكة البريطانية رغم فيلم يتعرض لجدة الملكة مباشرة.لم توقف الولايات المتحدة عروض همجية الكاوبوي، لم يساورها قلق من تصوير أفلام أبرزت طمع الأبيض ومجازره في خيام الهنود الحمر. أطلقت العنان لصناع السينما كي يحكوا كيفما شاءوا عن العنصرية ضد السود في الماضي، الأهم أنهم جسدوا كيف انتهت تلك العنصرية رسمياً... ولم تثر تلك الأفلام الفتن، بدليل مرشح للرئاسة من عرق أسود.أفلام ومسلسلات بالآلاف تروي مجازر الحروب العالمية الأولى والثانية، لم يهب أحد من تجديد النعرات العرقية أو تحريض شعوب ناقمة.كيف انتهت من عندهم الفتن ولا تزال تسكننا النعرات؟يعرفون أنه تاريخ. انتهى. تعدوه، ولذلك هم هناك بين الكواكب. ونحن تسكننا لعنة تاريخنا، نغوص في الرمال خجلاً أو خوفاً. ورغم ذلك نتسابق على من يملك الحظ الأوفر في الامتداد القبلي..ولا نرضى بغير إنتاج تلفزيوني يصور عهد البطولات الحميدة ضد الفرس أو الصليبيين.. قتلنا من كثرة مشاهدة مسلسلات تاريخية تروي ذات الحدث لذات الشخص وبذات الممثلين.. مجرد الخوف من النعرة القبلية تعني أننا ما زلنا نحيا عهد القبائل المتنازعة، ولا يردع فناجين الدم سوى قانون الدولة الحديثة... أزيحت الرمال وبنيت الأبراج وبقيت عقلية الفخذ والقبيلة. أو لعلها تركت لحاجة في نفس يعقوب.
نادين البدير
كاتبه و إعلاميه عربيه سعوديه
* المقال منشور في جريدة الرأي الكويتيه :-
* المقال منشور أيضًا في جريدة الوقت البحرينيه:-

الجمعة، 29 أغسطس 2008

بل اهلًا شمس رمضان

غداً أو بعد غد رمضان. كل شيء يسير مثل كل سنة أو يزيد..غدا أو بعده تبدأ حملات الغذاء وولائم الطعام... تبدأ حملات الإعلانات التجارية الثمينة والرخيصة... تبدأ مسلسلات وحلقات عن قصص لا نهاية لعددها... أصوات المآذن ستعلو، وستحتفل المساجد بزائريها... مقاعد المقاهي والمطاعم تمتلئ بروادها الذين يقصدونها لتمضية الليالي الرمضانية... ستتزين الشوارع بالألوان والأنوار وتتخذ المصابيح أشكال النجوم والأهلة، ازدحام في كل مكان...كل شيء يسير مثل كل سنة أو يزيد، وحده ذاك الشيء يقال انه يختفي كل سنة أو يقل بالتدريج... روح رمضان.هناك منغصات يقولون انها تشوش بال من ينشد الروحانية الرمضانية، الكبار أكثر من يردد هذا القول. رغم أن تلك المنغصات أصبحت جزءا لا يتجزأ من زائرنا السنوي... الكبار يترحمون على رمضان مضى. ويحزنون على روحه التي قتلت. كتب معالي الدكتور غازي القصيبي قبل أيام عدة في صحيفة الوطن مقالا بعنوان (رمضان وداعاً) ودع به بهاء رمضان الماضي...الكبار دائما يترحمون على القديم، يستمرون في الحياة هناك، لا يعجبهم الحال مطلقاً. «في زماننا، في أيامنا، يرحم رمضان أول...»حسرة ممتدة من العبارات على أيام كانوا هم فيها أناس آخرون، دون أن يكون للأمر علاقة بطقوس رمضان أو شعبان. يقول الكاتب: وداعا رمضان. هكذا قرر. أن ينتهي رمضان من الوجود مع انتهاء سعادته به. رمضان اليوم ليس رمضان قبل ثلاثين عاما، تعلقت الروحانية اليوم وارتبطت بروائح الأطعمة في الشوارع والبيوت.. بحلويات ومسلسلات وأصوات مساجد تصدح بأعلى حس، مختلطة وغير مفهومة... لكن تلك الأصوات العالية والروائح المختلطة بالنسبة لأجيال عديدة هي روح رمضان الحقيقية، أجيال لم تحى زمن رمضان الطفرة أو رمضان القحط، أو رمضان خال من وسائل الترفيه المرئية، أجيال لم تصنع دماها بأيديها، عرفت رمضان على أنه صلاة يليها مسلسل وفزورة...ولأن لكل جيل روحانيته، فليمارسها كيفما يشاء دون أن يوقع اللوم على التلفاز والأطعمة وحسناوات الشاشات، أو اللوم على الأجيال الجديدة التي كانت سبباً في تشويه رمضانه القديم وتحويله إلى كتلة من السلبيات...ثم من بإمكانه فرز السلبيات والإيجابيات الرمضانية.. هم يأكلون كما لو أنهم صاموا العام وغربت شمسه في رمضان فأفطروا.يشترون ملابس العيد كأنهم أمضوا العام عراة.يركعون ويسجدون كأنهم ما صلوا طيلة أحد عشر شهراً...يرقدون فنياً ليستيقظ إنتاج غزير بالمئات...ومع ذلك من بإمكانه القول ان تلك الشراهة سلبية، أليست جزءا من طقوس اعتدناها ولا نستطيع مقاومتها؟ لنعترف ونتأقلم مع اعتيادنا الداخلي عليها وكفانا نقداً لطقوسنا أو لشراهتنا...بالنسبة لي أكياس الدهن والشحم التي تملأ البرادات هي السلبية الكبرى، وتلك المتفجرات الحلوة الصغيرة التي أحاول أن أكتفي بالتلذذ بمشاهدتها سلبية لا تغتفر... ورغم ذلك أتوق شوقاً لسماع أمي تفكر بصوت عال بأصناف مائدة الإفطار... أتوق شوقاً لرؤية العجين، حتى رائحة القلي التي أكرهها يصبح لها شكل محبب في رمضان... السهر المجنون له مزاج آخر في رمضان، الشراهة لها معنى آخر. وحين يبدأ القمر بالمغيب أستمع لأعذب آذان ببدء فجر في الحياة.وفي ليلة رمضانية أتحرق شوقا لاجتماع عائلتنا بعد الإفطار والتفافنا حول الشاشة لمتابعة مسلسل من مئات المسلسلات. تنتقده الصحافة كونه عديم الفائدة والقصة، لا يدرون حبكته الأصلية. التفافنا حوله، هذه الساعة العائلية التي تلي الإفطار هي الأغلى بين ساعات العام كله... ننتظرها عاما كاملا... رمضان ليس طقسا دينياً فحسب، هو عيد بل أكثر.هل نملك بعد ذلك القدرة على وداعه، أم نهلل ونقول: بل أهلاً شمس رمضان.

نادين البدير
كاتبه وإعلاميه عربيه سعوديه

* المقاله منشوره في جريدة الرأي الكويتيه :-
http://216.157.9.137/AlRai/Article.aspx?id=75768

* و كذلك منشوره في جريدة الوقت البحرينيه :-
http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=7924

الجمعة، 22 أغسطس 2008

خليجيه في بكين

انتقاد محافظ حاد وجه قبل فترة نحو بعض الشاشات الخليجية التي سمحت بعرض متباريات الأولمبياد بأوضاعهن غير المحافظة وملابسهن الكاشفة. أما الأوضاع الخارجة المقصودة فهي المباريات الأولمبية المعتادة، وعن الملابس الكاشفة فهي ملابس الرياضة التي تسهل حركة اللاعبة وتتماشى مع ما تزاوله من ألعاب.ساحة الأولمبياد التي لم تلعب على مدى التاريخ دورا في مسرحية الإثارة أو استعراض الأجساد، ولم تسمح بأن يشتهي رجل لاعبة على أرضها، يريد البعض تحويلها في أذهاننا إلى مسرح نخاسة رخيص... الأولمبياد دخل مجال العيب والحرام.الأهم من يفوز في النهاية؟ أخلاقيات الرياضة الراقية أم فكر داخلي صغير؟في بعض الأحيان تسير الموجة العالمية بتسارع أقوى من مجرد تيار فكري، أقوى من محاولة إقناع متشدد بتطوير أفكاره عن الحريات... موجة الرياضة تتخطى كل الحدود، وتتعدى كل المعوقات.اليوم وفي الوقت الذي يستهجن به الكثيرون من متشددي الخليج أمر تحريك النساء للعضلات. يرفضون بكل ما أوتوا من براهين دينية وبيولوجية، تمسك ميثاء بنت محمد بن راشد بعلم بلادها في الأولمبياد وتتقدم الوفد الإماراتي في حفل الافتتاح، مشت تتقدمهم بطولها الفارع. بعباءتها وشيلتها. مبتسمة بهدوء وخجل للكاميرا. عباءتها وابتسامتها تلتفان حول بطلة كراتيه أثارت دهشة أهل الخليج وإعجابهم أيضاً على مدى سنوات.أما السعودية، فيحتد الجدل فيها حول فكرة مزاولة المرأة للرياضة. عقل المتشدد يطير كلما تخيل السيقان والأذرع النسائية تطير في الهواء، بحركات مريبة قد تمارسها نساؤه يوماً. لا يدعه الليبرالي وشأنه، بل يستفزه بكل مناسبة مطالباً بالرياضة النسائية في محاولة جادة لإثبات صموده كليبرالي...الكفة ترجح حتى اليوم لصالح المعارضين لرياضة النساء. إذ تمنع حصص التربية البدنية في مدارس البنات، وتحاصر أفكار إقامة النوادي الصحية العادية. في خلال كل ذاك الجدل والمنع، اختيرت الفارسة السعودية أروى مطبقاني كأول سعودية ضمن الاتحاد السعودي للفروسية..بالطبع الاتحاد الرياضي لم يستأذن المطاوعة، ولم يحصل على مباركة الليبرالي وتهنئته وإشادته... اختار الفارسة ببساطة. الموجة العالمية أقوى من جدل يسير داخلي. الموجة العالمية ابتلعتنا وتياراتنا الفكرية واختارت الفارسة..الأمير الوليد بن طلال لا يمكنه تفويت فرص التحضر. الأب الروحي للمرأة السعودية، شكل منتخبا نسائيا وقدم لبلاده عدة فارسات سعوديات. قرأت ذات مرة أنه لم يكن مسموحاً للمرأة في بريطانيا امتطاء الجياد حسبما يمتطيها الرجل، كانت تجلس على جنبها وتسدل ساقيها على احد جانبي الخيل، دون أن تتجرأ الأفخاذ على اتخاذ وضعية الزاوية المنفرجة... فذاك مناف للحشمة والأنوثة. وحده الرجل كان قادرا على التحكم بالخيل وحيداً وبواسطة فخذيه. وحين سمح أحد الآباء لابنته بقيادة الخيل للمرة الاولى بطريقة مشينة كما الرجل، صارت فضيحة وتحولت الابنة لمضغة تلوكها الألسن بالاشاعات والإساءات.اليوم ، تمتطي الخيول نساء ينتمين لأكثر الدول تشددا على الصعيد الداخلي، ويعني ذلك أن الموجة العالمية تبتلعنا بنهم، ولا تدع لنا مجالاً للتفكير. كل شيء تغير. اختلاف العصور والأزمان يفرض اختلاف المفاهيم... ما كان منافياً للأنوثة بالأمس اليوم أصبح عاديا بل أكثر من عادي... والذي كان رمزا لذكورة طاغية تثير غرائز النساء أصبح مطلباً رئيسياً لجسد لاعبة...الفوارق الحادة بين الجنسين تذوب. أليست الحدود بين الثقافات تذوب؟ أليس سلام أن تذوب الحدود بين الأديان؟غطت الأنثى عضلة بارزة في ذراعها وأحكمت الغطاء، تمادت في إبراز تكوينها الضعيف لإثارة مفتول البنية، تغير كل شيء. رقيقة البنية الماضية تحبس أنفاسك وهي تستعرض عضلاتها المفتولة وتمارس رفع الأثقال في الأولمبياد. أثقال قد لا يتمكن الرجال من حملها، ترمي القرص والرمح وتشارك برماية القوس والنشاب، تطير فوق الحواجز، تتشقلب بين طيات الهواء قبل أن تلقفها المياه وتغوص .. ما عادت قوة الأنوثة في ذكائها وحنكتها فقط. فقد اجتمعت الأنوثة والبنية القوية أيضاً. أجساد اللاعبات في عصرنا تشكك بصحة الأسطورة القديمة وتؤكد قدرة المقاتلات الأمازونيات القديمات وتدفع عنهن صفة نبذ الأنوثة... قال صاحب الأسطورة الذي لم يصدق أن المرأة يمكنها رمي الرمح بأن الأمازونية لجأت لكي صدر طفلتها ليضمر أحد الثديين فلا يعيقها عن استخدام القوس والسهم عليه.. هل يمكن في المقابل أن تجتمع الذكورة والرقة، ولو كانت تصب في خانة المشاعر؟رشيق الجسد نحيله، يتباهى بإظهار أعضاء الذكورة بملابس الرقص الضيقة... ساقه تتلوى وتلتف حول البالرينا التي يراقصها... استعراض مشاعري يأسر القلوب والخيال. ليس بحاجة لأن يتبختر بخشونته أمامها، لا يفعل أكثر من ملامسة تفاصيل جسدها. يعزف عليه بأنامله العذبة سمفونية مكملة لتلك التي يرقص عليها... هل يعد ذلك الذكر رجلاً؟ أم أن مقومات رجولته ضعفت بارتدائه تلك الملابس اللصيقة؟رقص الباليه كالرياضة ممارسة تفهمنا أن قوة الذكورة لا ترتكز على عضلة، أن الرقة والعاطفة يمكنهما الاجتماع سويا في جسد رجل.الموجة العالمية تلتهم مفهوم الأنوثة والذكورة المعتاد شيئا فشيئاً... تغير تعاريف الضعف والقوة. ويوما ما ستختار تلك الموجة لاعبات جمباز خليجيات وبطلات سباحة من الجزيرة العربية، ستتسابق فتيات الجزيرة في مسابح الأولمبياد. سيثبتن انتماءهن للبحار وسلالات الغواصين.

نادين البدير

كاتبه و إعلاميه عربيه سعوديه

* المقاله منشوره في جريدة الرأي الكويتيه :-

http://www.alraimedia.com/Templates/frNewsPaperArticleDetail.aspx?npaId=64994



الجمعة، 15 أغسطس 2008

متى يحاكم الوطن ؟


ردود مختلفة توالت حتى اللحظة تعقيباً على مقالي الأخير (البدون مواطنون بلا وطن):«نحن لدينا هوية وطنية وإن لم نحمل الجنسية»«ولاؤنا وانتماؤنا للبلد الذي عشنا وتربينا فيه، ننتظر منه أن يعترف بنا وبوجودنا» «ليس لي الحق في التعليم أو العمل أو الزواج أو السفر أو إصدار شهادة وفاة، أنا بدون بكل ما تحمله الكلمة من معنى».«أعيش في لندن وأعمل بمهنة التدريس في واحدة من جامعاتها، كنت بدوناً وأصبحت بريطاني الجنسية».«أنا بدون إذاً أنا غير موجود...»لا أود التركيز الآن على البدون فقط كعنصر من العناصر التي تحيا على أرض البلد أو ما نسميه الوطن. اليوم أبحث عن تعريف الوطن ككل... دفعتني ردود القراء والقارئات لمحاولة التعرف على المعنى العصري للمواطنة.ما درسناه وتعلمناه عن الوطن مرتبط بالحياة والموت والذود بالدماء... الوطن هو شيء ننتحر لأجله. حتى أناشيدنا الوطنية لا تنطوي على نداءات للتنمية الفكرية وآمال بالعدالة الاجتماعية والسياسية، قدر ما تتضمن دعوات لدخول ساحة الأبطال وإثبات الرجولة وإبراز العضلات والتأكيد على حب الأوطان بتقديم الأجساد هبات وأضحيات. لم يرتبط الوطن بمخيلتنا الثقافية وتنشئتنا الدارجة بمكان يشع بالعطاء والدفء. لذا فطبيعي أن تصير مسألة حب الوطن قيمة ثقافية، عادة متوارثة، خدمة إنسانية أو مطلباً رسمياً، لكنها ليست حباً جليلاً إلا فيما ندر. الحب الكامل هو حب متبادل، وفي علاقاتنا كمواطنين بأوطاننا النامية فليست المواطنة متبادلة، هو حب من طرف واحد. طرف المواطن فقط...هل تشعر أوطاننا بمواطنة نحونا؟ هل تشعر أن مجموعاتنا الإنسانية تشكل حدود وطن لها؟ هل تخلص لنا أم يمكن أن يخون الوطن ويتنكر لأبنائه؟وهل ولاؤنا للأوطان شرط لحدوث العكس؟سواء كان الشخص بدوناً أو بهوية أو مقيماً، السؤال المطروح هو متى يعتبر البلد وطناً والإنسان مواطناً كاملاً؟ هل تمنحه الأوراق تلك الصفة العصية؟أكثر الردود التي أتتني من فئات (البدون) تصر على امتلاكها للمواطنة وإن لم يعترف بها الحبر والورق. ما معنى أن يحيا إنسان دون تعليم وعمل وزواج ويحرم من اجتياز الحدود ونقاط العبور ويستمر ذات الإنسان بمحبة المكان والتأكيد على ولاء لا ينتهي لوطن لا يعترف به؟ ما معنى أن يهاجر ويجد بدائل عديدة، ويبقى ولاؤه لوطن لم يمنحه اسمه.العدالة تقول أن هذا الفرد هو الذي يحمل الولاء الكامل. هذا الفرد مواطن من الدرجة الأولى.لكن بعض الأوطان تأخذ الكثير ولا تعطي سوى القليل، تتركك ترحل دون أن تذرف عليك الدموع، وبعضها يجذبك كالسحر. يناديك ليكون وطنك وأنت بالكاد تعرفه منذ بضع سنوات.فأيهما يشكل الوطن...هل الوطن بقعة جغرافية رسم تفاصيل معظم حدودها استعمار قديم؟ قال لنا قبل أن يرحل: هذا وطنك، وذاك وطنك. هل من الوطنية أن يكون ولاؤنا لحدود صنعها استعمار.هل الوطن هو المكان الذي احتضن أسلافي أم المكان الذي يحتضنني أنا؟ومتى يولد الوطن في داخلنا ومن تلده؟البعض عرف المواطنة بأنها تشمل النسب لبقعة جغرافية معينة والشعور بالتعلق بها والانتماء إلى تراثها التاريخي وعاداتها ولغتها. وتعرف أيضاً على أنها علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة بما يتضمنه من حقوق وواجبات. وتدل المواطنة في القانون الدولي على الجنسية سواء أصلية أم مكتسبة. لكن البعض الآخر يرى أن مقومات الوطن التقليدية اختلفت. ما عادت جغرافيا وعوامل تاريخية مشتركة، إن العولمة بنظرهم تجعل من فكرة الوطن مصالح وتكتلات اقتصادية. ويؤمن الكثيرون بأن الإنسان أصبح مواطنا عالميا غير محدود، مواطنته للإنسانية قبل الجغرافيا واللغة.إذا لفظتنا الأرض التي ننتمي إليها تاريخياً ولغوياً وثقافياً، وحالفنا الحظ فوجدنا أرضاً أخرى استوعبت آمالنا وعالجت آلامنا، أناس آخرون أحبونا أكثر، فرص عمل، فرص علم، فرص حب... فهل تستبدل الأوطان... وهل للمكان الذي ساهم في نهوضنا حق الولاء والإخلاص علينا؟ هل تبقى أرواحنا في وطننا الأصلي وتتحرك أجسادنا فقط؟ أم أن الروح المعاصرة يمكنها أن تتخذ من الأرض كلها وطنا؟ خرج القادرون من البدون إلى انكلترا وفرنسا وغيرها، عاشوا وعملوا في الجامعات وحصلوا على جنسيات أوروبية تحلم بها ملايين عربية. عجزوا عن تحقيق الانتماء الرسمي في وطن متأخر لكنهم تحولوا لأدوار فاعلة في الغرب المتحضر. أيستمر المواطن الأوروبي الجديد باعتبار نفسه بدوناً أو غير موجود... وإذا كان كذلك فهل يرجع السبب لحبه لذلك البلد الخليجي الذي شهد مولده أم لعقدة الرغبة بالاعتراف بوجوده في بيئة شعر أنها تطرده يوماً...في المقابل هل يمكن أن تجتمع الجنسية وجواز السفر مع شعور بعدم الوجود أو الانتماء؟ليس الأمر منحصرا على البدون، فحتى حملة الجنسيات وجوازات السفر الرسمية، حين لا يجدون بيئة خصبة لنمو طموحاتهم داخل مواطنهم الأصلية... يرحلون ويستوطنون بلدانا جديدة... جميعهم يقولون ان الوطن الأصلي يسكنهم، خجلون من إظهار عشق كبير سكن قلوبهم هو عشق وطن جديد بادلهم السلام. لم يبخل. لم يشح. منحهم اسمه ورمزه. واستمع لأحلامهم بآذان صاغية...المواطنة حق وواجب، أهم مقومات الوطن العدالة الاجتماعية. وشعور الفرد أنه من البدون المضطهدة أو من الأقليات أو مواطن من درجة ثانية أو ثالثة، يفقد المكان أهم صفات الوطن.لماذا يهاجر أهل الخليج هجرات جماعية موقتة كل صيف. لماذا يصر العديد من المصريين على أنهم فراعنة وليسوا مصريين؟ لماذا يحلم المغاربي بالهجرة إلى فرنسا؟لماذا يدعنا الوطن نرحل؟
نادين البدير
كاتبه و إعلاميه عربيه سعوديه
* المقاله منشوره في جريدة الرأي الكويتيه :-

الجمعة، 8 أغسطس 2008

«البدون» مواطنون بلا وطن


أن تكون منبوذا. فردا من القاع، مجهولا ومحروما من حياة الرفاهية بدول المجلس. تنتمي لجماعات انتهكت حقوقها إنسانياً، ولم يحدد عددها بدقة. لا تتعلم وقد تحرم من العمل ومن الزواج ومن الرعاية الصحية.أن تكون بدوناً.مستقرا بأرض لا تنتمي إليها، ولعلك تشعر بشيء كبير من الولاء لكنك تعلم أنه ليس ولاء متبادلا، فقد تلفظك الأرض التي نشأت عليها مع أول قرار بالطرد.بشع ذلك الشعور الذي وصلني، أرق تلقيته من قارئ سعودي ليس من السعودية أو مواطن بلا هوية وطنية مثله في ذلك مثل أعداد كثيرة نازحة تحيا بدول خليجية عدة. تقول الرسالة ان صاحبها متخرج في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، تقدم للوظيفة، تم قبوله في جميع مراحل الاختبارات في إحدى الشركات الكبيرة، وحين جاء الأمر لقرار التعيين رفض طلبه كونه لا يحمل بطاقة أحوال بل بطاقة القبائل ذات الخمس سنوات. وتم تعيين متقدم آخر غيره قد يكون أقل منه كفاءة وقدرة لكنه يملك جواز سفر وأحقيات المواطنة، باختصار ليس بدوناً. وصف قارئي نفسه بأنه مواطن من الدرجة الثانية وتمنى أن تصل رسالته للمسؤولين لإنهاء مشكلة تعصف بجيل كامل من الشباب الكفء. وصلتني الرسالة وأنا أتابع تلقي هيئة حقوق الإنسان السعودية لشكاوى الآلاف ممن يسمون بالبدون ويعانون من مشكلات حقوقية عديدة. اعتبرت أن قارئي محظوظ نوعاً ما، رغم توقيعه باسم مهندس مظلوم، مقارنة بغيره من عديمي الجنسية الخليجيين الذين لم تسنح لهم الفرصة لإكمال تعليمهم العالي.أعلم أن اهتمام هيئة حقوق الإنسان في السعودية يقابله اهتمام رسمي آخر في بقية الدول الخليجية لإنهاء هذه المسألة، لكن يبدو أن الاهتمام أبطأ مما نتصور وقد تمر عشرات السنين الأخرى قبل أن يجدوا حلاً لأولئك البشر.لا أفهم مدى استيعاب الغرب لنا بأعداد كبيرة، وقدرة حكوماته على منحنا جنسيات بلدانهم بعد سنوات قليلة من الإقامة على أراضيها، بثقة ودون خوف من زعزعة أو اهتزاز لاستقرار البنى السياسية، وفي المقابل لا أفهم عدم استيعاب أنفسنا كخليجيين لنا واستحالة اندماج دولنا مع ما تسميه بالنازح أو الغريب أو البدون، والبدون ليس غريباً بمعناه الطبيعي، فهو ليس ابن يوم أو يومين، بل إنسان وابن قبيلة أتى من مناطق مختلفة من الجزيرة العربية واستقر في واحدة من دول الخليج منذ ثلاثين أو أربعين عاما أو يزيد، بقي اسمه الغريب، لم يشفع له انتماؤه للمكان ولا طول مدة إقامته.أمضى عقوداً كاملة دون أن يتسبب بزعزعة الأمن أو الاستقرار، لم يؤذ بقدر ما تعرض للقهر والحرمان، أفلا يستحق من الحكومات جواز عبور ورقما وطنيا؟هل يمكن أن تشك الحكومات الخليجية بانتماءات البدون فلا تمنحهم الجنسية؟هل أثبت العرب في أوروبا انتماءات أوروبية معينة قبل حصولهم على هويات غربية؟ أم أن تقدير الغربيين لأهمية الإنسان عفاهم من عقدة الجنسية ؟ما مشكلتنا مع الفرد البدون؟ وما أهمية اعتبارنا له غريباً أو رفيقاً؟هذا الغريب فرد عاش وعانى بيننا، ورغم الاضطهاد السياسي الداخلي الذي يواجهه فليس له مكان آخر يلجأ إليه. حتى جزر القمر رفضت اخيرا عرضاً لتجنيس آلاف عدة من بدون الخليج، على رغم فائدة اقتصادية قد تعود عليها بالملايين جراء ذلك، جزر القمر في النهاية دولة نامية وعربية مارست شحها الطبيعي وبخلت بجنسيتها القمرية.ينمو جيل ثالث أو رابع من البدون، أبناء وأحفاد، ولا يزال اسمهم قبائل نازحة، ورغم قيام دول خليجية عدة بمحاولات للتخفيف من وجود البدون عبر تجنيسهم مثلاً إلا أن المشكلة لم تقترب من نهايتها إذ يقال ان عددا منح الجنسية في الإمارات لا يذكر بعدد البدون غير المحدد أصلاً.في الهند هناك أناس يعيشون في قاع المجتمع يشكلون طائفة المنبوذين ويعانون الظلم الاجتماعي، توكل لهم في العادة مهمة القيام بالأعمال اليدوية (الدونية) لأنهم من طبقة ينكرها عقد النظام الاجتماعي. يعملون في القاذورات ومعظم الأعمال التي ينزه بقية الأفراد عن تلويث أجسادهم برائحتها وعفانتها، ترمى عليهم الأوساخ وهم يسيرون في الطرقات، يجرحون ويلوثون دون أن يكون لهم الحق في الشكوى أو التذمر. يتعرضون لممارسات نبذ وتمييز في جميع المجالات، بما في ذلك التعليم والصحة والتوظيف والملكية.والحالة الخليجية لا تختلف كثيرا عن الحالة الهندية. فمع فارق حدة تدهور أوضاع المنبوذين لكن يجمعهم بالبدون عامل نكران وجودهم إنسانياً. يجمعهم أنهم في دول صعب أن تقدر الإنسان يوماً، فالإنسان أرخص ما تملك.هناك يضربون وهنا يشردون ويعيش بعضهم في صناديق بالصحارى.تعاقبهم الحكومات لأنهم فكروا يوماً بالاستقرار هنا، فيحرمون من الكهرباء والهاتف والتعليم والطبابة وفرص العمل...قرأت عن البدون أن بعضهم قد يلجأ لعقود زواج خاصة فيما بينهم لأنهم غير قادرين على إتمام عقد الزواج الرسمي مع عدم امتلاكهم لهويات رسمية توثق الزواج. ورغم ذلك فلا يجدون اهتماما رسميا لتنظيم ما يحدث.وإن كانوا تحايلوا ووجدوا حلولاً لإتمام عقود الزواج، فلن يجدوا حلاً لفقدانهم فرص التعليم العالي كالبقية... أعتقد أن دول العالم النامي تؤكد يوما بعد يوم استمرار تأخرها، بحفاظها على قدر من التخلف الفكري والعلمي ضمن محتوى عناصرها. ليس من مصلحة حكومة ما أن يكون هناك نسبة واضحة من الأمية بين سكانها. الأمية هي من تهدد الأمن وبجدارة وليس هبة الجنسية المحلية لفرد عاش عمراً على أرض الخليج، أطول من أعمار غالبيتنا الشابة.إن ارتفاع أعداد المحرومين والمضطهدين سيعود سلبا على الحكومات بوصفها المتضرر الرئيسي من نتائج تباطئها. ما هو مستقبل البدون؟ وما مستقبل انتمائهم وولائهم؟ أسئلة على الحكومات الخليجية أن تباشر بوضع إجاباتها وتقديمها لأناس حقيقيين يعيشون ضمن هذه المسطحات الرملية معتبرين أنفسهم مواطنين بانتظار أوراق ثبوت واعتراف وطن.

نادين البدير

كاتبه عربيه سعوديه

* المقاله منشوره في جريدة الرأي الكويتيه :-
http://www.alraimedia.com/Templates/frNewsPaperArticleDetail.aspx?npaId=62169

و منشوره في جريدة الوقت البحرينيه أيضًا :-

http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=7744

السبت، 26 يوليو 2008

من عنقها يتدلى حبل قتلاها

نجمة معروفة في إعلان تجاري تلفزيوني تنهي حيرتها فتخبر النساء قائلة (وحده الدهب بيكملني).رئيس مجلس إدارة شركة مشهورة للمجوهرات يعلن في لقاء صحافي أن المرأة ليست امرأة دون الماس.إعلانات أخرى تصور أفلاماً قصيرة قصصها واحدة، يهديها ماسة فتمنحه الابتسامة العريضة والحب الكبير.عقيق، فيروز، مرجان، ماس، لؤلؤ، لازورد، زمرد.خرج الرجل من مأواه في الفجر باحثا عن أحجارا يزين بها صدر ومعصم وأذن وأصابع المرأة... جمع والتقط أحجار من فوهات البراكين ومن عميق البحار... قطع نادرة. أحجار كريمة. عاش الرجل في الخطر وقتل ضحية للذهب، انفجر جسده وتفتت في المناجم، بعضه تاه في البحار، شاهده قرش يغازل لؤلؤة سعيدا بلقائها. انقض عليه والتهمه. عشقته جنيات البحر. خطفته فقيل انه انتحر... عاش في الخطر لامرأة، لمعصمها، لأذنها، لعنقها... وهي لم ترحل عن بلدها. لأنها لم ترد أن تسحق وتتلطخ بالفحم والمناجم. أبت أن تحرق جلدها أملاح البحر. أو تلوث أعضاءها سوائل بطن حوت أو قرش.اكتفت بالمكوث في المنزل، اشترت بضاعة البائع المقتول، اكتفت بإنفاق أموال رجال آخرين. وارتدت الجوهرة السجينة في النهاية حجرها الكريم. عقيق، فيروز، مرجان، ماس،لازورد، زمرد.كلها أسماء لذكور.فهل يسمح للمرأة بصديق ذكر؟نجمة الإغراء السابقة مارلين مونرو وصفت الماس بأنه أفضل أصدقائها. من وجهة نظرها، لما لا، قد تبيع الماسا وقت ضيقها لكن ماذا سيقدم لها الرجل في الأوقات الصعبة؟سمح لها الرجل بمصادقة الماس لعلها تنشغل به عن باقي الحياة وباقي الذكور، لم يعارض الرجال إحلال أصدقائها الذكور الجدد عوضا عنهم. أو أن الرجل اقتنع بعدم قدرته على تكميل المرأة، وقف دون حركة أمام قرارها الاستعاضة عنه بالحجر. (وحده الدهب بيكملني). ودونه هي ناقصة...كل من حولها يقول انها دون تلك الأحجار امرأة ليست أنثى، أو أنثى ليست امرأة، خالية من الجاذبية ومن كل مقومات الكائنة الكاملة. انها دونها قد تفقد جزءا مهما آخر من حياتها وهو احترام المجتمع الصغير من حولها.يتدلى من رقبتها عقد جمع حباته عدد من القتلى كانوا يبحثون عن مكملات الأنوثة ومعانيها. ليست الأحجار الكريمة من مكملات الأناقة فقط، بل من لوازم (البرستيج) الاجتماعي. ومنذ اكتشافها كان للأحجار الكريمة منزلة خاصة عند الإنسان. بل إن تلك الأحجار قد بلغت منزلة عالية، أصبحت في مرتبة الكرماء أو أعلى مرتبة، لدرجة تعليقها على أكثر المناطق حساسية في الجسد، قرب نقاط دقات القلب. لتلازم نبض الإنسان وتلازم حياته.كثيرون يعتبرون أن التفاخر والتباهي بارتداء المجوهرات أمر من بدهيات الحياة لكني أعتقد أن الاهتمام المبالغ به في اقتناء المجوهرات يعني أن صاحب أو صاحبة الشأن بهما نقص ما. ما الذي يعانيه الإنسان ليصل إلى مرحلة يستمد بها الاحترام والمكانة من الفحم أو الكربون (الماس) من كربونات الكالسيوم (حيوان المرجان) من السيليكون والكبريت (اللازورد) من إفراز يتشكل داخل إحدى الرخويات (اللؤلؤ).قيمة تلك الأحجار مرتفعة جدا، وهي ثمينة للغاية لكني لا أستطيع تجاوز فكرة أننا نعلق فحما على أعناقنا. هي في النهاية مواد من الأرض. جزء منها بقايا حيوان ونبات، مثل النفط تماماً. وقد يكون جزء منها بقايا لإنسان. ولولا أنها لا تتوافر بكل الأمكنة لكانت الآن حجارة ندوس عليها أو نركلها بأقدامنا ونحن نتنزه. هي مسألة ندرة فقط.حين يرتدي الإنسان تلك الأثمان الباهظة، فهل ينظر لنفسه على أنه كريم كتلك الأحجار. ومن الذي يمد الآخر بالرفعة والعلو. الحجر أم الإنسان؟أكثر الأماكن التي يمكن أن تشهد هذا الاستهتار البشري وتفريق العلو عن الدنو بين الأفراد هي مجالس التجمعات النسائية فبمجرد دخول سيدة تبدأ الأعين بالمراقبة وتفصيل الماركات والمجوهرات. الدنو في بعض التجمعات التي تتسم بالسطحية هو مجوهرات غير كريمة أي مقلدة، أما العلو فعشرات الألوف من الدولارات تزين كل أو بعض أماكن نبض القلب، ستقابل من ترتدي أحجار الأرض الثمينة بعين الإجلال والتبجيل وسيسعى كل من بالمجلس لكسب ودها ومصادقتها...قد يشعرنا الماس بالقوة الشكلية الوقتية لكنه في الواقع يثبت ضعفا في الأعماق وحاجة ماسة لمأمن مادي يكملنا أمام الناس. خاصة إن كان المحتاج حديث عهد بالثراء لدرجة تجعله أو تجعلها تكبل اليدين والعنق بسلاسل وأغلال مرصعة لامعة حتى وهي داخل حوض السباحة. فهوس الثراء يدفعها لذلك. يجب أن يعرف الجميع حجم الثروة...(وحده الدهب بيكملها)...ماذا تفعل الفقيرة التي لا تملك ثمن تلك المكملات. كيف تكسب الكمال واحترام الناس.هل تسرق أم تبيع نفسها لتشتري نصيبها من الحجارة؟ خاصة وأن الدعارة اليوم لم تعد من أجل لقمة العيش فقط ولم تعد تقتصر على المسكينات، بل تمارسها متوسطات الدخل لشراء سيارة ثمينة، خاتم سوليتير، فيلا مطلة على البحر، ملابس لمصممين عالميين. وإلا لن يعود باستطاعتها اللحاق بجماعات القشور الجديدة.عقيق، فيروز، مرجان، ماس، زفير، زمرد.مثلما الفرو مكانه جلد صاحبه الحيوان، في الغابة. فإن مكان الحجارة الطبيعي هناك على سفوح الارتفاعات وفي قاع البحار لتغطي الطبيعة باللمعان. الحجارة تشكلت من أجل بريق الأرض، لا لتلميع صورة النساء والناس.

نادين البدير
كاتبه عربيه سعوديه

* المقاله منشوره في جريدة الرأي الكويتيه :-

http://www.alraimedia.com/Templates/frNewsPaperArticleDetail.aspx?npaId=59424

و منشوره في جريدة الوقت البحرينيه أيضًا :-

http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=7622



حلقة " مساواة " - 26 / 7 / 2008

ضيفة الحلقه :- الكاتبه و الناشطه الكويتيه د/ ابتهال الخطيب .

موضوع الحلقه :- التطرف الديني و الإسلام السياسي .

مسار الحلقه :- في بداية الحلقه قدمت نادين ضيفتها الفخوره
بإنتمائها إلى الفكر العلماني ، ثم سألت ضيفتها عن سبب
تهرب العلمانيين و الليبراليين من إنتمائهم إلى هذا التيار ،
وضحت إبتهال أن السمعه السيئه التي روج لها التيار الديني
عن العلمانيه و الليبراليه هي السبب في تهرب المنتمين لها
من نسب انفسهم إليها،وأوضحت بأن فصل الدين عن الدوله
هي ضروره في العصر الحديث نتيجة لعدم وجود دوله يتبع ،
أهلها دين واحد فقط ، و أوضحت بأن الليبراليه تضمن
الممارسات الدينيه و العلمانيه تفصل بين الدين و الدوله ،
ثم سألت نادين إبتهال عن رفض المجتمع للفكر العلماني و
سبب ذلك ؟ فأجابت بأن الناس يعتقدون بأن العلمانيه كفر !
وبالتالي فإن الناس لا تفهم العلمانيه!وهذا هو سبب الرفض
لأن الناس لم يفهمو معنى العلمانيه ، ثم وصفت إبتهال هذه
العمليه " تشويه سمعة العلمانيه " و الشتائم و لغة الخطاب
الديني بأنها وقحه و مليئه بالمسبات و الشتائم ، وبعدها تم
التوقف لفاصل إعلامي و إستراحه .
و بعد الفاصل و الإستراحه ، سألت نادين إبتهال عن تأثير
الشتائم عليها ، فقالت بأنها إعتادت عليها ، ثم سألتها عن
النساء الأخريات في دول مجلس التعاون ، ذكرت بأن
منهن قد صمدن و منهن من إنتقل إلى مرحلة الدفاع عن
النفس و قد قمن برفع دعاوي للمطالبه برد الإعتبار ، ثم
تحدثت عن التهديدات التي كانت تتلقاها،ثم أشادت بمساندة
أهلها لها و خصوصًا زوجها الذي ساندها بقوه و دعمها ،
ثم تحدثت عن حياتها في أميركا ، و وصفت أميركا بأنها
دوله متدينه ، و أحيانًا قد يكون مجتمعها متطرف دينيًا و
لكن القانون في أميركا يضع حد لهذا التطرف ، و هذا
القانون يفصل بين الدوله و الدين ، و هذا القانون يضع
الوطن فوق كل شيء بغض النظر عن الدين ، ثم سألت
نادين إبتهال عن الحريه بين الأفراد ، فطالبت إبتهال
بضرورة تشجيع الحريه ، و ذكرت بأن والدها طالبها
بالتذكير بأن الدستور في الكويت يساوي بين الرجل و
المرأه ، و لكن إبتهال أشارت بأنه للأسف الدستور غير
مطبق من ناحية المساواة بين الجنسين ، ثم تم التوقف
لفاصل إعلامي و إستراحه .
و بعد الإستراحه سألت نادين إبتهال عن الأخلاقيات التي
قد تأتي بها الليبراليه و مايروج له بأن تلك الأخلاقيات قد
تفسد المرأه ؟ فأجابت إبتهال بأن هذه مجرد تخويفات و
أشارت بأن لها بنت و أنها لا تتمنى أن تخرج عن القيم
و الأخلاق ، و أشارت إبتهال و أكدت بأن قضية العلمانيه
هي مجرد فصل للدين عن الدوله فقط بغض النظر عن
التدين و المحافظه الإجتماعيه و المحافظه على العادات و
التقاليد ،ثم سألت نادين عن مستقبل العلمانيه والليبراليه
و هل ستؤول العلمانيه و الليبراليه إلى نفس المصير
الذي آلت إليه القوميه و الشيوعيه ؟ فأشارت إبتهال إلى
أن القوميه كانت نظرتها السياسيه ضيقه ، و الشيوعيه
نظرتها الإقتصاديه كانت ضيقه، أما العلمانيه و الليبراليه
فنظرتهما أوسع ، و تحترم جميع الخيارات ، ثم أشارت
إلى أن لجنة مراقبة السلبيات التي أقرها مجلس الأمه في
الكويت شبيهه بهيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
في المملكه العربيه السعوديه ، ثم سألت عن نادين إبتهال
عن صلاحية تطبيق العلمانيه في هذا الوقت المأزوم ؟!
فأجابت بأن العلمانيه صالحه للتطبيق في كل زمان ومكان
ثم سألتها عن إنتقادها لحزب الله و حسن نصر الله
فأجابت إبتهال بأن من يدخل المجال السياسي عليه أن
يتقبل النقد حتى لو كان رجل دين،ثم سألت نادين إبتهال
عن دعمها لأسيل العوضي للوصول إلى مجلس الأمه
و عن مشاركة المرأه السياسيه، فأشادت إبتهال بالأرقام
التي حققتها المرأه في الإنتخابات الكويتيه بالرغم من
عدم وصولها إلى المجلس، ثم تم التوقف لفاصل إعلامي
و إستراحه .
وبعد العوده من الفاصل الإعلامي،سألت نادين ضيفتها
عن سبب إحباطها من نتائج إنتخابات مجلس الأمه في
الكويت ، فأجابت بأن الفساد المالي هو الذي سبب لها
الإحباط و إنخفاض الوعي في عملية الإنتخاب ، ثم
إستغربت من النتائج التي ظهرت ، بالرغم من إشتكاء
الجميع منها ! ثم سألت ... من صوت بحق السماء ؟!
ثم سألت ضيفتها عن كتابتها في الصحف الكويتيه وهل
واجهت مصاعب؟ فأجابت بأن سقف الحريه في الكويت
عالي و أنها لم تواجه المشاكل ، ثم اشارت إبتهال إلى
أن إقتراب منع الحفلات الموسيقيه و الفنيه في الكويت
و أن هذا للأسف غير بعيد ، و حذرت إبتهال من أنه
لا يمكن فرض الفكر الواحد ، ثم سألتها عن مؤتمرات
حوار الأديان في المملكه العربيه السعوديه ، وإسبانيا
فأشارت بعد تمثيليه جيده ، و أنها لا ترى أي نتائج
و أن الأمور تزداد سوءًا ، ثم أشارت إلى طائفية
الجميع ، و أن المشكله ليست في الطائفيه بل في
كيفية إظهار هذه الطائفيه ، ثم شددت إلى ضرورة
تكريس الوطنيه ، ثم سألت عن نادين عن " صوت
الكويت " ، و محاربة الفصل بين الجنسين في التعليم
و أشارت إلى أنه لابد من ترك الحريه لمن يرغب
بالتعليم المختلط ، و بهذه النقطه إنتهت هذه الحلقه
الرائعه جدًا مع الرائعتين نادين البدير وابتهال الخطيب.
سليمان الأمير