الجمعة، 1 مايو 2009

بلــــورة

الأحلام تعكس ثقافة الشعوب.
حلمتُ زماناً أنني أجربُ حذاءً. وفسرتْ السيدات من حولي الحلم..
الحذاء معناه عريس.
هل تدرج حقد النساء ليصل إلى ربط الرجل بالحذاء، هونت الأمر بأن يكون الحذاء تمثيل لموطئ قدم جديد عبر الزواج والانتقال للعيش في مكان آخر.
في نومها نزعتْ رفيقتي ذات ليلة عقداً من رقبتها، فقالوا لها إن فقدان زوجها بات وشيكاً.
ورأتْ مخلوقة أخرى ميتة تخبرها بأنها تتعذب في قبرها، فأرجع السبب إلى أنها كانت ترتب حاجبيها في حياتها. حزنوا عليها وأخذوا يرتلون لها الآيات لعل عذابها يهدأ أو يتوقف.
إنْ حلمتَ أنك ترقص، فيعني ذلك أنك ملعون، وإنْ حلمتَ أنك تغني، فقد ارتكبت إثماً كبيراً.
أليس هناك احتمال لحاجة عضلاتك للحركة؟ لأن تكون روحك الصافية قد أخذت تغني في منامك لتسعدك؟
التي تواظب على ارتداء العباءة ترى نفسها في المنام دونها، فيعتقد أن أمرا فاضحا سيصيبها ويهتك سترها.
وترى بلورة الأحلام أن مشهد امرأة تسير منحرفة عن الطريق يعني أن زوجها غير راضٍ عن سلوكياتها.
وحين انطلقتْ تســافر في حلمها وحـيدة خشيتْ ولجأتْ لصاحبة البلورة الشعبيـة، فرأتْ أن مكروهاً سيصيبها؛ لأن سفرها دون محرم حرام.
تفسيرات الأحلام كتفسيرات النصوص لا تخرج عن إطار الطاعة والتقاليد.
هل هكذا أفسر ما أراه في المنام؟ هكذا تختصر أرواح وعوالم وأنفاق خيالات بحكايات مشعوذة أو قصص تقاليد.
مَنْ هم المرحومون في الأرض الذين يحلمون أم الذين لا يعرفون غير عالم الملموس؟
لما لا أتوقف عن الحلم؟ يخبرني كثيرون أنهم لا يرون شيئاً في منامهم. لماذا أنا إذاً؟
ويقول العديد أن الأحلام رمادية، لكني أرى أحلامي ملونة بوضوح.
لا يلبث جفني أن يرى ظلمة حتى ينتقل رأسي لعوالم جديدة، وقصص عجيبة.
أدققُ دوماً، أتأكد أن ما يحدث ليس تكملة لأحلامي، بل من صنع الواقع.
وأحياناً أضطر لأن أدقق أكثر حين تختلط أحلام النوم الغريبة بأحلام اليقظة السعيدة بواقع تعيس. أيهما أختار؟ وأيهما الأصح؟
رأيتك بالأمس، كان عمرك خمسا وستين، وكان البشر يكافئونك لتأليفك قصيدة معروفة وقديمة جداً، لكنها ليستْ لك.
لماذا أتيتني. أعلم أن لي يدا في جلبك وإلا ما كنت تجرأتَ.
كنتَ على مسافة ياردات مني، عجبت كيف ابتلعت الدنيا عشرين عاما منك دون أن أعرف، أخبرني أناس حولي لم أصادفهم يوما أني لم أكن أدرككَ جيداً حتى أني لم أدقق يوماً لأعرف أن شعرك أبيض بامتياز، ونظرتُ إليك أتفحصك للمرة الأولى وألحظ فارق العمر بيننا.
وكيف لم أعلم أنك تكتب شعرا، كيف لم تخبرني أن القصيدة المعروفة كانت من تأليفك، وأنك تحيا منذ ذلك الزمن، لهذه الدرجة كنت أجهلك.
هل يقل التقاء الأرواح قيمة عن التقاء الأبدان؟
تهتُ بين أن أفرح كعادتي؛ لأنني التقيتك كما أقابلك دائما في زحام الدنيا دون أدنى موعد. ألذلك أهواك؟ هل أحمل في داخلي بعضا من رجل لا يحب أن تلاصقه امرأته؟
وتيه بين أن أفرح؛ لأني اكتشفتُ بك حقيقة قد تبعدني عنك؟ تنسيني إياك؟ كذبك. أيكفي أن أعرف سنوات عمرك، وأعرفك شاعرا كي أنساك؟
وكيف تريدني البلورة الشعبية أن أراك، حبيباً في الأربعين أم أباً في الستين، أم أنها لا تملك في دستورها نصاً لحالتنا الخارجة عن التقاليد؟.

نادين البدير
كاتبه و اعلاميه عربيه سعوديه

* المقاله منشوره في جريدة الرأي الكويتيه :-
http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=129441

* و منشوره في جريدة الوقت البحرينيه :-
http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=10464